اقترح مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين تعديل الضريبة على البنزين وفقاً للتضخم. وهذا قد يكون تحسناً عن النظام الحالي، لكنه لن يصلح المشكلات الهيكلية في ضريبة البنزين. الولايات المتحدة بحاجة إلى تبني ضريبة على الأميال التي تقطعها المركبة وإقامة بنية تحتية تكنولوجية لنظام نقل أكثر كفاءة بكثير. فالضريبة الاتحادية على البنزين لم تزد منذ عام 1993، ونتيجة لهذا، تقلصت قيمتها الحقيقية إلى النصف مما تطلب من الكونجرس تعزيز تمويل صندوق الطرق السريعة. وضريبة البنزين من المفترض أن تملأ بانتظام حسابات الصندوق، مما يسمح للكونجرس بأن يخصص أموالاً للمشروعات الاستثمارية الجديدة. والفكرة تركزت في أن يتحمل الأكثر استخداماً للطرق السريعة معظم كلفة إقامتها. 
ولم يجْد الأمر نفعاً على هذا النحو. ويتوقع مكتب الميزانية في الكونجرس أن يراكم حساب الطرق السريعة عجزاً إجمالياً يبلغ 113 مليار دولار من الآن وحتى عام 2030. والكونجرس بلغ المأزق الحالي بسبب عاملين، الأول، منذ هزيمة جورج بوش الابن في انتخابات 1992 الرئاسية، اعتنق «الجمهوريون» بشكل متزايد فكرة عدم وجوب زيادة الضرائب الصافية أبداً، بينما يعلن «الديمقراطيون» أنه تجب زيادتها على الأثرياء وحدهم. العامل الثاني، أن شعبية السيارات الرياضية في تسعينيات القرن الماضي وفي بداية العقد الأول من القرن الحالي زادت استهلاك البنزين بمعدل أسرع من الأميال التي تقطعها السيارات. ولذا، فمقابل المعدل نفسه من استخدام الطرق السريعة جمعت الحكومة الاتحادية المزيد من المال. وهذا التوجه انقلب عكسياً في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، مما جعل العائدات تتناقص باطراد رغم استمرار تصاعد كلفة إقامة الطرق السريعة. وأولى هذه المشكلات يجب حلها بتعديل ضريبة البنزين وفقاً للتضخم، وسترتفع الضريبة تلقائياً دون اضطرار الكونجرس إلى إجراء تصويت سياسي صعب كل بضع سنوات. 
أما المشكلة الثانية فستتفاقم مع تزايد تبني الأميركيين للسيارات المهجنة والكهربائية. وتقدر الحكومة الاتحادية أن استهلاك البنزين سيتقلص بنسبة 20% بحلول عام 2050، وهذا تقدير متحفظ. وأكثر الوسائل فعالية للتصدي لهذا ستكون من خلال ضريبة على الأميال التي تقطعها المركبة. والضريبة ستقوم بنوع من الحصيلة المستمرة مع الحصول على مقابل من مالك السيارة عن كل قطاع من الطرق السريعة يمر به. والخوف الأساسي من مثل هذه الأنظمة هو الخصوصية. فإقامة كبائن لتحصيل الضرائب على كل قطاع من الطرق السريعة بين الولايات سيكون غير كفؤ وسيمثل تحدياً هائلاً في التنفيذ. والبديل سيكون في تعقب السيارة باستخدام جهاز «جي. بي. إس» ثم نقل البيانات إلى قاعدة بيانات مركزية لتحصيل الرسوم. 
وهذا قد يبدو كابوسياً، لاسيما إذا كانت قاعدة البيانات تديرها وتملكها الحكومة. لكن معظم الأميركيين لا يترددون في اصطحاب هواتف محمولة معهم تسمح لآبل أو جوجل بتحديد مواقعهم. وإذا سُمح لأصحاب السيارات باختيار جهة تقديم خدمة التحصيل، فهذا سيقدم طبقة إضافية من الحماية. ومعظم الناس سينضمون على الأرجح إلى منصة تكنولوجية كبيرة تقدم كل ما هو ضروري للتعقب مجاناً. والذين يريدون المزيد من الخصوصية قد يختارون مقدمي خدمة معينين لديهم إجراءات لحذف البيانات تلقائياً وجيش من المحامين بغرض سحق أي دعوى قضائية. 
ومثل هذا النظام يسمح للولايات، بل والبلديات، بجمع الأموال على أساس الاستخدام الفعلي للطرق. وقد يسمح على نحو خاص بتسعير تلقائي للتكدس على الطرق السريعة المزدحمة أو داخل أحياء الأنشطة الاقتصادية المركزية. وقد يسمح حتى بسعر متفاوت مقابل إيقاف السيارات في الشوارع أو لبائعي التجزئة بأن يؤجروا مساحات وقوف السيارات الخاصة بهم لغير الزبائن. وهذا النوع من القياس الآني هو أحد الطرق الممكنة للتعامل مع التكدس الذي لا ينتهي والبحث المتواصل عن مكان لإيقاف السيارات الذي تعاني منه مناطق حضرية كثيرة. وبصرف النظر عن الحل، يتعين على الولايات المتحدة أن تفارق نظامها العتيق في تمويل البنية التحتية للنقل. صحيح أن تعديل ضريبة البنزين وفقاً للتضخم أفضل من لا شيء، لكن إذا أراد الكونجرس معالجة المشكلة فعلاً، فعليه استكشاف تطبيق ضريبة قومية تُفرض على الأميال التي تقطعها المركبات. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»