قبل سن التاسعة، لم تكن «شيلا سينلين» تعرف أن التعليم في الهواء الطلق شيء استثنائي. فحين كانت طفلة صغيرة تترعرع في هايتي، كان ذاك هو المكان حيث يتم التعلم. وكان ذلك، جزئياً، هو المنهاج الدراسي. وفي هذا الصدد، تتذكر كيف تعلّمت حلب البقرات. غير أن مدرستها في هايتي كانت تنظر أيضاً إلى التعليم بشكل مختلف، حتى بالنسبة للمواد التقليدية.

كم من الأعواد تحتاج لبناء قلعة؟ كان هذا نموذجاً لدرس في الرياضيات. وما مدى ميل التلة التي صعدناها للتو؟ كان هذا نموذجاً لدرس في العلوم. وكانت حقول هايتي وغاباتها هي حُجرة الدرس. ثم جاء يوم انتقلت فيه سينلين إلى الولايات المتحدة فتوقف كل ذلك بشكل فجائي.

في منطقة بوسطن الحضرية، كان «الخارج» مكاناً يرسِل إليه الآباء المتعبون أبناءهم من أجل اللعب. لكن ماذا عن الهواء الطلق؟ ماذا عن الطبيعة؟ لقد كانا يبدوان بعيدين بُعد هايتي نفسها. وحينما سألت معلمة عن أسباب ذلك، كان الجواب هو: «يجب أن نتعلم في الداخل. ليس لدينا اختيار».

والواقع أنه في الولايات المتحدة توجد هوة طبيعة: كيف يظل الوصول إلى الهواء الطلق ظاهرة بيضاء في الغالب، وذلك لمجموعة من الأسباب.

وقد وقفت سينلين على المشكلة بشكل مباشر وتفرغت لحلها. أعرفُ سينلين لأنها مؤسِّسة ومديرة في شبكة التعلم في الهواء الطلق لمرحلة ما قبل المدرسة، حيث تدرّس زوجتي. وبدايةً، دعوني أقول: أجل، إن رياض الأطفال في الهواء الطلق مشهورة وذات شعبية اليوم. وهي تعني أن الأطفال في الهواء الطلق طوال اليوم المدرسي كله، حتى في فصل الشتاء.

وحتى عندما يسقط المطر. (وتستطيع زوجتي أن تؤكد أن أطفال مرحلة الروضة يحبون الوحل). لكن بالنسبة لسينلين، فإن رياض الأطفال المقامة في الهواء الطلق هي أكثر من ذلك.

إنها ما زالت تعيش في بوسطن، وتأخذ نشرات إلى كنيستها، مترجمةً إلى لغة «الكريول»، حيث تحاول تسويق فوائد الخروج إلى الطبيعة وإيجابياتها لمجتمعات الملونين. وأول سؤال تطرحه الأمهات دائماً، كما تقول، هو: «لماذا أدفع لك المال لكي يلعب أطفالي في الخارج؟». غير أن رياض الأطفال المقامة في الهواء الطلق لا تتعلق بالاسفلت أو اللعب، وإنما بإنشاء القلاع، أو الجري على التلال نزولاً، أو مشاهدة السلاحف وهي تتعرض لأشعة الشمس في بركات فصل الربيع.

إنها تتعلق باستخدام الطبيعة من أجل التعلم، وعندما يستوعب جيرانها الأمر، «إنه شيء لافت. هناك تعطش لذلك»، كما تقول سينلين. وقد رأت سينلين فوائد الطبيعة، وليس في حياتها الخاصة فحسب؛ فخلال عملها مع الأطفال أصحاب الهمم حين كانت طالبةً باحثةً، لاحظت سينلين أنه عندما كان الأطفال في الخارج، «كانوا نشطين ومفعمين بالحياة أكثر.

وكنا نستطيع تعليم أي مادة نريد عندما كنا في الخارج». دروس هايتي ما زالت عزيزة على قلبها. فقد أنشأت شبكتها لرياض الأطفال مِنحاً دراسية لفائدة الأطفال الملونين في محاولة لإتاحة الفرصة لمزيد من الأطفال للخروج إلى الطبيعة. ويقع أحد فروع الشبكة في منطقة «آرنولد آربورتم» في بوسطن، غير بعيد عن المكان حيث نشأت في شقة صغيرة من دون فناء خلفي.

وتقول سينلين: «إن عدم الاكتراث للطبيعة قد يدفع شخصاً ما إلى التعامل مع الطبيعة باعتبارها من المسلّمات»، مضيفة أن الإغلاقات التي فرضتها ظروف الجائحة أظهرت للجميع مدى أهمية الخروج إلى الطبيعة. واستطرت قائلة: «علينا أن نفعل ما في وسعنا من أجل جعلها متاحة للجميع».

صحفي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»