في 2 يوليو 2021، عيّن الرئيس جو بايدن رئيسة جامعة بنسلفانيا إيمي جوتمان في منصب سفيرة الولايات المتحدة إلى ألمانيا. وعندما يصدق مجلس «الشيوخ» على تعيينها، ستترأس العالمة السياسية واحدة من أهم البعثات الدبلوماسية في أوروبا. 
ستصبح جوتمان أول امرأة تشغل منصب سفيرة الولايات المتحدة إلى ألمانيا – البلد الذي تربطها به علاقات قوية. ذلك أن والدها فر من «الرايخ الثالث» في 1934. ولكن تعيينها يحيي أيضا تقليدا أميركا طويلا ومتقطعا يتمثل في إرسال أساتذة باحثين ورؤساء جامعات كسفراء إلى برلين. 
من بين هؤلاء السفراء شخصيات لامعة مثل الباحث الأدبي جورج تيكنر والمؤرخ جورج بانكروفت. فخلال الأربعة عقود الأولى من القرن العشرين، كانت الولايات المتحدة ترسل، في كثير من المرات، أستاذا جامعيا إلى برلين. وخلال الفترة الممتدة بين 1893 و1957، كان ستة من بين السفراء الأميركيين ال13 أكاديميين، أربعة منهم كانوا رؤساء جامعات. 
هذه الممارسة كانت خاصة بألمانيا. فبينما كان سياسيون وناشرون وصناعيون يرسَلون إلى باريس ولندن، كان أساتذة جامعيون يرسَلون إلى برلين. وكان القيام بذلك يرمز إلى العلاقات العلمية والتربوية الوثيقة التي تربط بين البلدين، إضافة إلى الفرص الثقافية المتاحة للأكاديميين في ألمانيا. وقد تكون إعادة إحياء هذه الممارسة اليوم مثاليةً لإعادة بناء تحالف أصابه بعض الوهن خلال العقود الأخيرة. 
بعد الحرب العالمية، عُيّن رئيس جامعة كورنل جاكوب شورمان (1925-1929) سفيرا للولايات المتحدة إلى ألمانيا. ووسط مشاعر عدم الثقة والازدراء المهمة التي كانت سائدة على كلا جانبي الأطلسي، فهم أستاذ الفلسفة مهمته باعتبارها مهمة مصالحة ثقافية. فاعتمد على مكانته الأكاديمية ومعرفته الجيدة بألمانيا ليعيد تشغيل شبكات النخبة ويُطمئن ألمانيا المستاءة والمذلولة عقب الحرب باستمرار التقدير الأميركي. 
وعقب الحرب العالمية الثانية، سار جيمس كونانت، الذي ترأس جامعة هارفارد لسنوات طويلة، على خطى شورمان، بداية كمفوض سام للأمم المتحدة، ثم كأول سفير أميركي إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية (1955-1957). وشهدت فترة كونانت في بون استعادة ألمانيا الغربية لسيادتها، وموافقتها على إعادة تسليحها، والانضمام إلى الناتو. وقد لعب كونانت دورا مهما في التفاوض بشأن هذه التطورات وتسويقها في ألمانيا والولايات المتحدة. وأكد هو أيضا على هويته كأستاذ جامعي للتصدي لمشاعر معاداة الولايات المتحدة التي كانت تعبّر عنها الطبقات المتعلمة الألمانية، واستغل المنصة المرموقة التي كانت تتيحها له الجامعات الألمانية للترويج لتحالف أطلسي صاعد. 
ولكن نجاح هؤلاء السفراء كان يعزى أيضاً إلى التقدير الكبير الذي يكنه المجتمع الألماني للأساتذة. ففي برلين وبون، كان السفراء-الأساتذة الأميركيون يتمتعون بالمكانة الاجتماعية الرفيعة التي يتبوؤها الأساتذة في ألمانيا وإمكانية الوصول بسهولة إلى المجتمعات العلمية، والنوادي الثقافية، والجامعات، التي كانت في العادة مغلقة في وجه الدبلوماسيين الأجانب. وكان الألمان يختارون تجاهل الطابع السياسي والمقاولاتي جدا لعمل رؤساء الجامعات الأميركية، وبدلا من ذلك، كانوا يعاملونهم كجزء من نخبة المثقفين.
ولا شك أن هذا التفضيل لإرسال أستاذة إلى برلين سيصب في مصلحة جوتمان. صحيح أن أشياء كثيرة تغيرت منذ أن كان الدبلوماسيون-التربويون مهيمنين في أوائل القرن العشرين. ذلك أن معظم السفراء الأميركيين اليوم ينحدرون من عالم الأعمال أو دبلوماسيون محترفون، حتى إلى ألمانيا. 
ولكن الحاجة إلى تواصل فعّال وتوضيح مقنع للمصالح والقيم المشتركة ربما لم يسبق أن كانت أكبر مما هي عليه اليوم. ذلك أن العلاقة بين الولايات المتحدة وألمانيا كانت فاترة منذ 2003 على أقل تقدير، عندما كسرت على خلفية حرب العراق. وبعد ذلك، انحدرت العلاقات بين ضفتي الأطلسي إلى مستوى متدن جديد في عهد الرئيس دونالد ترامب، فاقمه السلوك غير الدبلوماسي لسفير ترامب في برلين ريتشارد جرنل.
ووفق استطلاع للرأي لمركز بيو في 2018، فإن 66 في المئة من الألمان لا ينظرون إلى الولايات المتحدة بعين الرضا، وهي نسبة أعلى مما هو موجود في أي دولة أوروبية أخرى. وفي أواخر 2020، اعتبر 79 في المئة من الألمان العلاقات مع الولايات المتحدة «سيئة».
في هذه البيئة، لا شك أن مكانة جوتمان كفيلسوفة سياسية تحظى بالاحترام والتقدير ورئيسة جامعة تؤهّلها للمساعدة في تحقيق هدف بايدن في إعادة بناء التحالفات. والواقع أن وسائل الإعلام الألمانية استقبلت نبأ تعيينها بطريقة إيجابية متوقعة. ذلك أنها تجاهلت أن جوتمان أدارت شركة كبيرة لعقدين من الزمن تقريبا، وعوضا عن ذلك احتضنت هويتها كباحثة في إحدى الجامعات الأميركية العريقة. وكتبت صحيفة ألمانية محترمة: «أستاذة جامعية تعقب الخشن (جرنل)». ولا شك أن هذا الانطباع سيقوّي جوتمان في وقت تسعى فيه لإعادة الفوز بعقول النخب الألمانية وقلوبها. وبعد سنوات من الجفاء والفتور، قد يكون هذا الوقت المثالي لرئيس جامعة آخر.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»