بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، تتوج الإمارات- بالتزامن مع عامها الخمسين- مسيرة دعم القيادة الرشيدة لمبادئ العدل والمساواة والتسامح المستمدة من قيم التراث الثقافي ومن دستور الإمارات، الذي يكفل الحريات المدنية للجميع منذ تأسيس الدولة. وستحتفي الإمارات باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف 10 ديسمبر من كل عام، وسط إنجازات وجهود واضحة في حماية حقوق المرأة وكبار المواطنين والطفل وأصحاب الهمم والعمال والسجناء، فضلاً عن مكافحة التمييز والكراهية وتعزيز قيم التسامح والتعايش ورعاية اللاجئين وتقديم المساعدات الخارجية، ما يؤكد التقدير العالمي التي حضيت بها الإمارات في الارتقاء بالإنسان، بالتوازي مع التنمية الشاملة في القطاعات الوطنية كافة.

كما تجدر الإشارة إلى المناسبة الأخيرة التي وافقت 30 يوم يوليو الماضي حول «اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر»، حيث استوقفني شعار الأمم المتحدة لهذا العام «أصوات الضحايا تقود الطريق»، حيث تأثرت عند تخيلي أصوات الضحايا المستضعفين عند تعرضهم للإيذاء. وما يزيد حزني هو استهداف الإناث أكثر بغرض الاستغلال الجنسي حسب تقرير مكتب الأمم المتحدة بشأن الاتجار بالبشر لعام 2020، حيث نحو 148 دولة اكتشفت في عام 2018 وحدها أكثر من 50000 ضحية اتجار بالبشر، وتشكل النساء 46% والفتيات 19% من جميع الضحايا، بينما بلغت نسبة الذكور 20% بغرض استخدامهم في العمل القسري.

وبما أن الاتجار بالبشر يبدأ في معظم الأحيان في بلدان الضحايا الأصلية، إلا أن التشريعات الإماراتية في حماية حقوق الإنسان الأكثر تطوراً. فقد تم تعديل القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر في عام 2013 ولاحقاً في عام 2015 بهدف تعزيز الدعم والحماية للضحايا والشهود. وأسست الإمارات «اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر» بغرض تنفيذ استراتيجتها الوطنية عبر 5 ركائز أساسية في الوقاية والمنع، والملاحقة القضائية، والعقاب، وحماية الضحايا، وأخيراً تعزيز التعاون الدولي.

وبالرغم من انتشار جائحة كورونا، استغل المتاجرون ضعف الضحايا وخسارة بعضهم للدخل، ومحدودية وصول الناجين لتلقي خدمات الرعاية في فترات الحظر، إلى جانب تقليص خدمات المساعدة للوصول إلى العدالة، إلا أن اللجنة الوطنية أصدرت التقرير السنوي لعام 2020، الذي يؤكد على نجاح جهود الإمارات المبذولة في تقليص قضايا الاتجار بالبشر إلى 19 قضية في عام 2020 مقارنة مع 23 قضية في 2019 من خلال عوامل توفير المساعدات المالية الشهرية للضحايا والخط الساخن وزيادة اختصاصي مكافحة جرائم الاتجار بالبشر مع تقديم برامج التوعية والتأهيل.

كما تمتلك الإمارات حالياً شبكة من مراكز ومؤسسات رعاية وإيواء الضحايا، وأشير هنا إلى إحدى المراكز وهو «مركز أبوظبي للإيواء» والرعاية الإنسانية، الذي تم تأسسيه عام 2008 وتوسيع اختصاصاته في 2020 ليشمل كافة أشكال العنف بما فيها العنف الأسري، مع العلم أن المركز أول من استقبل ضحايا من الذكور على مستوى الدولة. بالإضافة إلى حصول المركز على جوائز مهمة لتقديم خدمات اجتماعية ونفسية وغيرها بجودة عالمية. وأختم مقالتي بكلمة سارة شهيل، مدير عام المركز في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر: «يركز مركز إيواء على خلق أجواء الطمأنينة للضحايا للاستماع لهم، واحتواء أصواتهم لتكون منبراً يضيء سبل مكافحة الاتجار مستقبلاً».

*باحث إماراتي في القضايا الجيوسياسية