تشير كلمة السلام إلى العديد من المعاني والأفكار التي تصب جميعها في اتجاه تثمين دور السلام في الارتقاء بالعلاقات بين أبناء الشعب الواحد أو بين شعوب العالم أجمع، وهي تؤشر إلى أهمية تعزيز ثقافة السلام وضرورة غرسها في الأطفال منذ نعومة أظافرهم دون الاعتماد فقط على الدولة، وإشراك كل الجهات والمؤسسات في هذا الأمر من أجل خلق أجيال أكثر انتماء، وأكثر إيماناً بضرورة العيش في مناخ من التعايش والألفة بين كل أفراد المجتمع دون تهميش أو تسفيه أو إقصاء.

لقد اتسع مفهوم السلام من المعنى السلبي فقط للمفهوم، والذي يعني غياب الحرب والنزاعات والصراعات ليشمل السلام الإيجابي، بمعنى تعزيز شبكات المصالح والعلاقات التي تضع قواعد راسخة لبناء السلام المستدام. كما تطور ليشمل عدة أبعاد داخل الشخص نفسه وبين الأشخاص وبين الجماعات. كما انتقل المفهوم من السلام المحلي إلى السلام العالمي، وتدرج ليشمل السلام مع البيئة وحقوق الإنسان والتنمية.

كما أن مفهوم السلام اتسع ليشمل كافة مناحي الحياة التي تتصل بمعاني الهدوء والسكينة والاستقرار والعلاقات الودية بين أبناء المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المتعددة، ونتيجة لاتساع معنى مفهوم السلام، فقد كان هناك حرص على تحديد مقومات معينة تساعد هذا المفهوم على الاستدامة والتطور داخل المجتمعات الوطنية خصوصاً والعالمية عموماً، ومن أهم هذه المقومات:

•    التعددية في إطار السلمية والتي يتوقف فيها الأمر أساساً على إدارة التعددية داخل المجتمع الواحد، وفق مقاربة سلمية تسمح للجماعات المتنوعة بمساحة للتعبير عن نفسها في جو من الاحترام المتبادل دون نفي للآخر. •    سيادة القانون التي يمثل «حكم القانون» فيها داخل المجتمع الحديث أحد أهم عوامل تحقيق المساواة والعدالة في العلاقات بين الأفراد والجماعات.

•    الحكم الرشيد، حيث يحتاج الحفاظ على السلام إلى نوع من الرشادة والعقلانية في الإدارة السياسية، ويحوي الحكم الرشيد بين جنباته مجموعة من المفاهيم الأخرى أهمها المساءلة، والشفافية، والتمكين، والمشاركة، ومحاربة الفساد، ونشر قيم التسامح، والسلام.

•    تعزيز القيم التاريخية المشتركة، حيث يحتاج المجتمع دائماً إلى تأكيد مستمر على ذاكرة العمل المشترك، وتذكر لحظات الوحدة، ونقل ذاكرة التاريخ المشترك للأجيال الصاعدة.

والبعد قدر الإمكان عن المراحل السلبية التي مرت بها العلاقات البينية بين فئات المجتمع، ويأتي هذا من خلال تعليم وطني يركز على إيجابيات المراحل التاريخية التي مرت بها الأوطان، ويبتعد قدر الإمكان عن المظاهر السلبية في ذلك التاريخ، بما يفتح الباب أمام مشتركات قيمية وتاريخية تعزز من قيم التسامح والسلام. ولتحقيق هذه المقومات نحتاج إلى تضافر العديد من الجهود الوطنية من أجل ترسيخها، حتى تكون مدخلاً جوهرياً من أجل سلام شامل يجعل من الاستدامة طريقاً له وأسلوبا للحياة في وطن طموح يتسع للجميع وعالم يتعايش في سلام.

  * تريندز للبحوث والاستشارات