بدخول نوفمبر 2021، يبدأ العد العكسي لنهاية العام 2021، وما زال إقليم الشرق الأوسط يرزح تحت وطأة صراعات كان عليها أن تهدأ وتتلاشى قبل مدة طويلة. فما زالت سوريا ساحة للجماعات الإرهابية، وكذلك العراق، وأيضاً ما زالت «الحوثية» الإرهابية تسيطر على صنعاء، وتمارس إرهاباً مروعاً على الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، بل وترسل صواريخها الغاشمة إلى أرض الحرمين الشريفين. وما زال «حزب الله» وزبانيته من الإعلاميين، يعيثون فساداً في لبنان، بل ويبررون للحوثية أفعالها التي لن يغفرها التاريخ.
الأمة ليست منقسمة، الأمة تجمع على أن العصابات والميلشيات الإرهابية بكافة أشكالها هي المنحرفة، وليس هناك عاقل لا يفهم أن كل جماعة أو منظمة أو ميليشيا أو حزب، يتم تمويله من الخارج، هو العدو الأول للوطن وعدو الأمة كلها، فكيف إذاً بـ«حزب الله» وعلى لسان حسن نصرالله يعترف اعترافاً صريحاً بأن «حزب الله» بطعامه وشرابه ولباسه وأمواله وأسلحته ممول بشكل كامل من إيران؟
لن نكرر الحديث الموثق حول أيادي «حزب الله» في تجارة المخدرات ومعظم عمليات الفساد التي أودت بلبنان الشقيق، وجعلته يبلغ حافة الحافة، وعن مدى تورطه في انفجار مرفأ بيروت، وعن دوره في تشكيل حكومات لبنانية هزيلة غير قادرة على انتشال لبنان من أزماته المتلاحقة والمفجعة، بقوة السلاح الذي يملكه «حزب الله»، ويتهدد به ويتوعد طوال الوقت، وليس بقوة العقل والفكر والاقناع والرضى الشعبي، بل سنتحدث عن المصادر المؤكدة التي أبلغت أن «حزب الله» يدرب عناصر من «الحوثيين» في معسكراته في الجنوب والبقاع، أمام الدولة اللبنانية وتحت ناظريها، تلك الدولة ومواطنوها الذين يحظون بدعم خليجي وسعودي على وجه التحديد، منذ عقود.
حسن نصرالله لا ينكر أنه يؤيد «الحوثية» الإرهابية ويدربها ويدعمها بالمال والسلاح والخبراء العسكريين بناء على طلب إيران وإرضاء لها، وهو لا يجد غضاضة بالتصريح بذلك واعتبار «الحوثية» جزءاً من مشروع المقاومة، الذي أهلك لبنان وإقليم الشرق الأوسط به، وقضى على كل فرص السلام المحتملة، والتي حرمت لبنان، على الأقل، من استخراج الغاز برفضه ترسيم الحدود مع إسرائيل، وهو لا ينكر أيضاً، حسب تصريحاته المتعددة أنه يدرب «الحوثية» في معسكرات خارجية في سوريا والعراق وغيرها بأوامر مباشرة من أولياء نعمته التي قضت بأن يستمر بلعب هذا الدور وتنفيذ تلك الخطة، على حساب من كان يكن.
تشير التقارير الإخبارية أن «حزب الله» ينفذ حرفياً خطة لتقدم «الحوثية» لتسيطر على أرض اليمن، شمالاً وجنوباً، تشتمل على التخطيط الاستراتيجي للعمليات العسكرية وكذلك التدريب الميداني على استخدام العبوات والصواريخ المضادة للدروع والتدريب على إدارة العمليات العسكرية القتالية وعمليات الاغتيال المباشرة وتشغيل الطائرات المسيرة إضافة الى دور «حزب الله»، المعروف في الإعلام الحربي «الحوثي»، حيث قام بتدريب معظم الإعلاميين «الحوثيين» لدورات متخصصة تنسخ تجربة «حزب الله» في لبنان، وإدارة الملف الإعلامي للحرب، والذي بدا واضحاً منذ سيطرة الحوثية على صنعاء في سبتمبر 2014 بإطلاق وتشغيل عدد من المحطات الإخبارية التابعة للحوثية كالساحات والمسيرة وغيرها من القنوات «الحوثية».
وسواء ثبت ذلك من خلال الوثائق التي تم اكتشافها في مواقع عسكرية كانت تحت سيطرة «الحوثية» أو من تصريحات حسن نصرالله نفسه، فإن مدى تورط «حزب الله» في الحرب على اليمن وعلى السعودية تحديداً لم يعد فيه مجالاً للشكوك والتحليل، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، ألا يعد ذلك تورطاً من الدولة اللبنانية بشكل مباشر على اليمن والسعودية؟ أما التبريرات بأن «حزب الله» يسيطر على الدولة اللبنانية وأنها ضعيفة حيال ذلك، فهي تبريرات غير مقبولة على الإطلاق، وقد آن الأوان لدولة لبنان الشقيقة أن تحسم أمرها بهذا الخصوص، وأن تتخذ قراراً لتصحيح الخطأ الذي ارتكبته الدولة اللبنانية بعد اتفاق الطائف 1989 لوقف الحرب الأهلية اللبنانية، حين قررت حل جميع الميليشيات في مايو 1991 باستثناء «حزب الله»، وتركته يتقوى ويتغذى على حساب قوة الجيش والدولة اللبنانية، وأن يشتمل قرار التصحيح سحب السلاح من «حزب الله»، ومنع تمويله الخارجي، وتفكيك وحداته وقواته.
المشكلة اللبنانية ليست في وزير متملق أو مذيع آخر ناكر للجميل والمعروف. المشكلة اللبنانية أن لبنان بلد عربي عريق، له مكانته العظيمة في الأمة العربية والإسلامية، وقدم اللبنانيون الأدباء والشعراء والنخبة المتفوقة في المجالات العلمية والثقافية والفنية، لكنه للأسف، بلد محتل من قبل ميليشيا إرهابية، وقد آن له أن يتحرر منها.

لواء ركن طيار متقاعد