لم يكن لتفوت الإمارات العربية المتحدة تلك الفرصة التاريخية الخاصة بقمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين للمناخ، من دون أن تكون في مقدمة الدول الرائدة في مجال الأفكار القادرة على استنقاذ الإنسانية من أزماتها، ومد يد العون للبشرية برمتها، والأخذ برؤى التعاون الأخوي الإنساني الخلاق.

على عتبات غلاسكو، حيث أجتمع نحو مائتي زعيم ورئيس دولة وحكومة، بات الوضع المناخي العالمي مهددا للبشر في أرزاقهم، ومصادر غذائهم، فالاحتباس الحراري أول ما ينعكس على خيرات الأرض وثمارها، فالجفاف وشح الأمطار يقطعان الطريق على وفرة الأرض التي كانت حتى وقت قريب أم رؤوم.

عار العالم في القرن الحادي والعشرين هو الجوع، وبات من المخجل القول إن هناك ملايين البشر يعانون من المجاعة، في زمن يفيض بالوفرة في دول أخرى، وتلقى ملايين الأطنان في اليم، حفاظاً على معدلات الأسعار. الطعام لكل فم، ليس عنوان مسرحية للأديب المصري الكبير الراحل توفيق الحكيم فحسب، بل طريق تسلكه الإمارات الدولة التي تتبنى دوماً نهجاً إنسانياً، وذلك عبر مبادرة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية والعديد من دول العالم، عبر ما يعرف باسم، مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ.

خلق الله الإنسان من طين، لكن ميّزه بالعقل الثمين، وقد جادت قريحة البشر بالأفكار الإبداعية التي تعرف كيفية الوصول إلى محاصيل تكفي البشرية، ومن غير أن تتسبب زراعتها في أي انبعاثات ضارة أو ملوثة للمناخ العالمي.

مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ التي انطلقت ضمن فعاليات مؤتمر غلاسكو بقيادة الإمارات والولايات المتحدة تصل قيمة التزاماتها الأولية إلى 4 مليارات دولار، وتهدف إلى تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة. كالنهر الجاري الحامل الخير، تحمل الأيادي الإماراتية مساهمات جزيلة لترقية الأمم ورفعة شأن الشعوب، ولهذا نجدها تتعهد باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة.

تركز الإمارات على إيجاد حلول عملية لتداعيات تغير المناخ بما يسهم في خلق فرص اقتصادية، والحديث هنا لمعالي الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي.

أنفع وأرفع ما يدور في عقل القيادة الإماراتية ويشغل تفكيرها صباح مساء كل يوم، هو تقديم حلول نموذجية تجمع بين التنمية المستدامة، والحفاظ على المقدرات البيئية للكرة الأرضية، ومن دون أدنى شيطنة للطاقة الأحفورية من نفط وغاز بنوع خاص، والتي أثبتت التجربة الصعبة التي مرت بها الإنسانية خلال عامي انتشار جائحة كوفيد-19، أن الاستغناء عنها أمر مستحيل، كما وضحت المحنة أن الرهان على الطاقة النظيفة بكل أنواعها وأشكالها، أمر هش لا يسمن ولا يغني من جوع.

الاستثمار في ابتكار أنظمة زراعية ذكية مناخياً أمر بالغ الأهمية لمعالجة أزمة المناخ، إذ يتيح تقليل الانبعاثات الكربونية، وتلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة لسكان العالم، ومساعدة المزارعين ومربي الماشية على التكيف مع آثار التغير المناخي. هل انفجار الكوكب الأزرق بما ومن عليه قدر مقدور في زمن منظور من جراء التغير المناخي. مصير الإنسانية في يد الإنسان، وعليه الاختيار بين الصالح والطالح. الإمارات تختار دوماً الصواب.

* كاتب مصري