لم يكن قرار اختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر المناخ (COP 28) مفاجئاً، بل جاء بمثابة إقرار واعتراف صريح بالجهود التي تبذلها لحماية البيئة، ودعم الجهود العالمية في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، وخفض الانبعاثات، والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ولعل هذا القرار هو تتويج مستحق لسلسلة من الخطوات والقرارات التي اتخذتها الإمارات تجاه هذه القضية التي تشغل العالم. فقد صادقت الإمارات على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون 1989، وانضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1995، وصادقت كذلك على بروتوكول كيوتو 2005، كما وقعت على اتفاق باريس 2015، إلى جانب افتتاحها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بمدينة مصدر في أبوظبي عام 2015. 

في قمة (COP 26) شاركت الإمارات، وعلى مدار أسبوعين تابعنا كيف أنه لم يعلُ أي صوت على صوت معركة البشرية كلها مع ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وفي ختام القمة تعهدت الدول الكبرى بدعم الدول النامية بمبلغ 100 مليار دولار لمساعدتها في تجاوز أخطار التغيير المناخي، فيما تعهد القطاع الخاص بضخ 130 تريليون دولار للتحول للاقتصاد الأخضر، كما جددت الإمارات إعلانها بالوفاء بالتزاماتها الطوعية وفق توجهاتها وإستراتيجياتها المستقبلية الخاصة باستخدام ونشر حلول الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات الكربون. 
إن استضافة الإمارات مؤتمر الأطراف (COP 28) عام 2023 مسألة تكتسب أهمية خاصة انطلاقاً من امتلاك المنطقة الخبرة في قطاع الطاقة، وكونها معنية بالتحول في هذا القطاع الحيوي والإستراتيجي، يضاف إلى ذلك التركيز على الحلول التي تراعي مصالح الجميع، بمن فيهم الدول المتقدمة والنامية. وسوف يشهد المؤتمر أول تقييم للتقدم في المساهمات المحددة بموجب اتفاق باريس.
إن الإمارات رسخت حضورها في ملف البيئة، وهو ما يسمح لها ويؤهلها لقيادة عمل دولي لإنشاء منظومة تسهم باتخاذ خطوات جادة في ملف المناخ، وبالتالي الانتقال بالاقتصاد العالمي لنماذج تنموية تراعي الحد من التداعيات التي يمكن أن تؤثر سلباً على مستقبل الأرض، وذلك بالتوازي مع خلق تأثيرات اقتصادية إيجابية على المجتمعات.
ولا شك أن وضع الإمارات خطة وطنية للتغير المناخي عزز مكانتها في مجال حماية البيئة، وذلك لكونها أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن هدفها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050. كما دخلت الإمارات في قائمة الدول الـ20 الأوائل عالمياً في 8 مؤشرات خاصة بالتغير المناخي والبيئة لعام 2020، والتي تهدف إلى تحقيق الاستدامة في كل المجالات، وتحويل اقتصاد الدولة إلى اقتصاد أخضر مستدام من شأنه أن يخفض الانبعاثات. وبناء على الخطة خصصت الحكومة الاتحادية 600 مليار درهم للاستثمار في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050 للتحول إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة، وبالتالي وضع إطار شامل لمواجهة التداعيات المناخية المتوقعة، وتعزيز التعاون الدولي للاستفادة من جميع الفرص الاقتصادية والاجتماعية. 
كل هذه الخطوات هي محل إشادة دولية، وهي سبب أساسي في اختيار الإمارات لاستضافة (COP 28) 2023.
ما نشهده من كوارث من فيضانات وأعاصير وحرائق يتطلب من كل الدول الالتزام بإنقاذ الأرض من خلال ما ستضعه من تشريعات وقوانين، وبالتالي إلزام كل القطاعات بالانضباط تحت مظلة تلك التشريعات. إن مواجهة نتائج التغيرات المناخية الكارثية مسؤولية أممية، وعلى الجميع احترامها والإيفاء بمتطلباتها من أجل الأجيال القادمة.