على مدى العامين المنصرمين 2020 وما مضى حتى من 2021، تحدثنا بشكل مكثَّف حول عنوانين عريضين، هما الإمارات نحو الخمسين والإمارات في الخمسين، وفي ما تبقى من هذا العام وعلى مدى العام القادم 2022 سنتطرق بالحديث لمواضيع متعددة تحت عنوان عريض آخر هو «الإمارات في بداية الخمسين الثانية»، وهو موضوع جديد تشجعنا للكتابة فيه بعد أن تطلعنا بإمعان في مبادئ الخمسين القادمة التي وضعتها الدولة وتم نشرها لكي تكون منهاجاً لدولة الإمارات العربية المتحدة على مدى الخمسين سنة القادمة، وهي مبادئ عشرة ستجد لها حيزاً واسعاً في سلسلة المقالات القادمة ضمن العنوان الجديد.

وبالتأكيد أن هذا العنوان ستتطلب الكتابة فيه منهجية علمية لا بد وأن تقع ضمن الدراسات المستقبلية. الدراسات المستقبلية لطالما شكّلت لدينا شغفاً بها، لأنها تعتبر جامعاً لاصقاً للعديد من تخصصات العلوم الاجتماعية التي يقع علم السياسة والاقتصاد والاجتماع تحت مظلتها.

إن هذا الجمع بين العلوم التي نشير إليها وغيرها من العلوم الأخرى سيكون بلا شك مفيداً لأساتذة الجامعة وطلابها وللدارسين المتخصصين في شتى العلوم ذات الصلة بما في ذلك تلك المهتمة بعلوم المجتمع الأخرى، كالتعليم والصحة العامة وإدارة الأعمال والإدارة العامة وعلوم البيئة. وبالتأكيد أن التفاعلات المجتمعية للتطورات العلمية والديموغرافية مهمة جداً للعاملين لدى أية مؤسسة تتعاطى مع شؤون الدولة والمجتمع، لأنها تلعب في الوقت الراهن أدواراً مهمة في العلوم الاجتماعية المعاصرة، خاصة بالنسبة لأولئك المتخصصين في علم السياسة. وبإلقاء نظرة مختصرة خاطفة على الطريقة التي يتم بها النظر إلى القضايا المستقبلية من قبل عدد من العلوم الاجتماعية التي سنتعامل معها لقراءة قضايا الخمسين عاماً القادمة، فإن ذلك سيشكل لنا أمراً مساعداً على فهم ما سننظر فيه فهماً جيدا.

سلسلة المقالات المزمع كتابتها ستحمل تحليلاً متعمقاً لمبادئ الخمسين العشرة التي وضعت وتشمل العناصر التالية: تقوية الاتحاد وبناء الاقتصاد والسياسة الخارجية ورأس المال البشري وحسن الجوار وترسيخ السمعة العالمية للوطن والتفوق الرقمي والتقني والعلمي ومنظومة القيم والمساعدات الإنسانية الخارجية وأخيراً الدعوة للسلام والسلم والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات.

إن الفائدة المرجوة من السلسلة الجديدة ستكتمل وترتفع قيمتها المعرفية إذا ما تم الإدراك بأن الترابط الداخلي بين مختلف المواضيع التي ستناقش يهدف إلى رسم صورة مستقبلية شاملة لما هو مزمع القيام به في الإمارات على مدى الخمسين عاماً القادمة كخطة مستقبلية هي بمثابة خريطة طريق واضحة للمحافظة على المكتسبات التي تحققت والبناء عليها بثبات وقوة لتحقيق المزيد من الإنجازات التنموية الشاملة المستدامة.

وهذه مسألة حضارية تشكل رؤية واضحة لما نحن مقدمين عليه خلال الخمسين سنة القادمة. والحقيقة أنه توجد منظومة من الأفكار الأساسية التي ستعاود الظهور في واحدة أو أخرى من الاختيارات التي ستصور وجود أرضية مشتركة بين المواضيع التي سنطرحها تشكل اتساقاً في التفكير المنهجي الرصين الذي سنحاول اتباعه.

ومن جانب آخر توجد أربعة عناصر تبدو جوهرية في المناقشات المستقبلية التي سنطرحها، من بينها اثنان أساسيان هما: الزيادة العددية في حجم الكثافة السكانية؛ والتوسع المستمر في الابتكارات التكنولوجية وزيادة استخداماتها؛ والزوجين الآخرين ينبثقان من الزوجين السابقين لهما وهما: أن الكثافة السكانية المتزايدة مجبرة على أن تصبح حضرية الطابع والسلوك بشكل متزايد، وأن الزيادة في استخدام التكنولوجيا الحديثة والمبتكرات القائمة عليها تقود إلى استخدام المزيد من الموارد الطبيعية، خاصة مصادر الطاقة التقليدية ما يؤدي إلى تلوث البيئة.

وحتماً أن العناصر الأربعة السابق ذكرها تؤثر على بعضها بطرق شتى منها الإيجابي ومنها السلبي. إن العديد من المواضيع التي ستتم مناقشتها ستركز على تداعيات هذه التطورات الأربعة وعلى تقاطعاتها وعلى بعض من الوسائل المقترحة للتعامل معها.

* كاتب إماراتي