مما لا شك فيه أن الأمن الرقمي من أهم خطوط الدفاع عن أميركا. لكن أجزاء كثيرة في الحكومة ليس لديها التدعيمات التي تحتاجها. وفي واحد من أخطر الأمثلة، اخترق قراصنة روس برنامح «سولارويندز» الذي تستخدمه الحكومة الأميركية على نطاق واسع. ولم تُكتشف عملية الاختراق إلا بعد شهور. والاستغلال حاصر شبكات تتراوح من الطاقة والخزانة والعدل إلى المعاهد القومية للصحة. 
وللأسف تواجه الحكومة عجزاً في المتخصصين بالمجال الرقمي والسيبراني المطلوبين لحمايتنا من أمثال هؤلاء الخصوم. وفي شهر سبتمبر، كان أكثر من ثلث وظائف الأمن الرقمي في القطاع العام، أي أكثر من 38 ألف وظيفة، لا تجد من يشغلها. 

وقوة العمل التكنولوجية التي لدينا تشيخ سريعاً. وتشير البيانات أن هناك 7% فقط من الموظفين الاتحاديين في وظائف علوم الكمبيوتر وهندسة الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات أقل من 30 سنة. ونحتاج إلى الإقدام على عمل جريء يتطلع للمستقبل، ليس فقط لبناء جيل جديد من المتخصصين في الأمن الرقمي والتكنولوجيا، لكن لبناء خط إمداد جديد يوفر للحكومة المتخصصين في الأمن الرقمي والتكنولوجيا. إننا بحاجة إلى تأسيس أكاديمية رقمية سيبرانية.

وبالعمل مع زملائي في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أدخلت في الآونة الأخيرة اشتراطات في قانون تفويض الدفاع القومي، وهو مشروع قانون الميزانية الدفاعية السنوية، من شأنها تدشين هذه العملية تحديداً. وتضع الاشتراطات خريطة طريق لإقامة وبناء ووضع منهج مقرر لمؤسسة توفر قوة عمل رقمية اتحادية، وتعد الجيل التالي من الموظفين المدنيين لوظائف القرن الحادي والعشرين الحيوية. والأكاديمية الرقمية التي نستشرفها ستكون نظيراً مدنياً على أحدث طراز للأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت (ولاية نيويورك) والأكاديميات العسكرية الأخرى في أنحاء البلاد، أي ستكون جامعة ممولة من الحكومة لإعداد المتخصصين في التكنولوجيا والعالم الرقمي للعمل في الخدمة المدنية. وستجعل هذه الأكاديمية الحكومة الأميركية في طليعة التخصصات الرقمية، من خلال توفير فرصة للشباب الموهوب صاحب العقلية المدنية للحصول على تعليم تكنولوجي مجاني بعد إتمام التعليم الثانوي وتمهد لهم طريقاً لخدمة بلادهم. 

ويحصل طلاب الأكاديمية الرقمية على درجات في تخصصات مثل الذكاء الصناعي وهندسة البرامج والأمن الرقمي والربوتات وعلوم البيانات. ثم يتم إرسالهم لفترة محددة سلفاً للقيام بأدوار تناسب تخصصاتهم في الوكالات الاتحادية المختلفة بناء على حاجات الحكومة الرقمية والسيبرانية وتفضيلات الطلاب، ووفقاً لأولويات أمننا القومي. وسيكون لهؤلاء الخريجين دور مهم فيما يتجاوز الدفاع. فقد يساعدوننا في حماية شبكة الكهرباء وسلسلة الإمداد بالغذاء والإشراف على السياسات بشأن العملات الرقمية ووضع لوائح منظمة لاستخدام الآلات المتقدمة مثل السيارات التي بلا قائد والطائرات المسيرة، وغير ذلك كثير من التخصصات. 

وقوة العمل التكنولوجية الحالية، إما أنها ليس كافية أو ليست متنوعة لتلبي حاجات البلاد الحيوية. فلدينا الآن أكثر من 600 ألف وظيفة عمل متوافرة في الحوسبة في الولايات المتحدة بينما لم يتخرج في عام 2020 إلا 71 ألف طالب في علوم الكمبيوتر. والحكومة عليها أن تنافس عليهم مع شركات التكنولوجيا الخاصة العملاقة مثل جوجل وأمازون. وسيساعد اشتراط خدمة الأكاديمية الرقمية في معالجة ساحة اللعب غير المستوية تلك وفي الإسراع بعملية التوظيف الاتحادية البطيئة الحركة عادة. 

والتوظيف في الأكاديمية الرقمية سيساعدنا أيضاً على تنويع المجال. وكلما زادت زوايا الرؤية واللغات ومجموعات المهارات التي يمكننا إمداد الحكومة بها، زادت قدرتها على التفوق في الابتكار والأداء على منافسينا والتصدي للتهديدات التكنولوجية الكبيرة من الصين وروسيا. ستجعل الأكاديمية الرقمية هذا التعليم وهذه التخصصات متاحة الدخول للجميع بما في ذلك الطلاب غير التقليديين والمنحدرين من الجماعات المهمشة. ودون ضخ استثمار استراتيجي سريعاً لتعزيز قوة عملنا الاتحادية في العالم الرقمي، فإننا نغامر بتسليم القيادة العالمية لمنافسينا ونتخلف في قدرتنا على حماية مصالحنا القومية وتحقيقها. وفي الوضع الحالي فإننا غير مستعدين بالمرة لمواجهة التحديات وانتهاز الفرص التي تظهر في طريقنا. 
والخبراء في العلوم والتكنولوجيا والدفاع القومي متفقون على هذا. فقد أعلن إريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لجوجل، العام الماضي، أن إقامة أكاديمية رقمية سيساعد في معالجة «العجز الهائل في المواهب» الذي تحتاجه الولايات المتحدة لتواكب «عالماً يشكله التنافس الاستراتيجي». والشهر الماضي فحسب، نشر مكتب المحاسبة الحكومية تقريراً بشأن الحاجة إلى «خط إمداد من العاملين الرقميين». وأشار التقرير تحديداً إلى أن وجود أكاديمية يمكنه خلق مخزون متخصص من المواهب تتمتع «بالكفاءة في المهارات الرقمية وأيضاً في فهم وظائف الحكومة المطلوبة لتلبية حاجات الوكالات». 
وفي المدى القصير، سيمكن التدفق المتواصل من المواهب التكنولوجية من أكاديمية رقمية الحكومة من سد عجزها الشديد في المتخصصين. وفي المدى الطويل، ستمثل الأكاديمية مجمعاً للخبراء الرقميين والسيبرانيين، مما يمكن الولايات المتحدة من تحقيق مكانة مهمة في الابتكار التكنولوجي، وتعزيز قيادتنا العالمية في العصر الرقمي.

كريستن جيليبراند
سيناتورة «ديمقراطية» عن ولاية نيويورك
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»