«نوابغ العرب»، المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في ذكرى توليه مقاليد حكم إمارة دبي في 4 يناير من عام 2006، هي مبادرة لدعم المتميزين من العلماء والمفكرين والمخترعين والمبتكرين العرب وفي شتى المجالات، وذلك بالتعاون مع نخبة من الشركاء العالميين.
المبادرة في جوهرها تمثل حراكاً استثنائياً على المستوى العربي، لكونها تهدف إلى رعاية المبدعين لأداء دورهم الحضاري، وتعظيم أثرهم الإيجابي في المنطقة. والمبادرة بلا شك تعزز موقع الإمارات التي تنمي خططها باستمرار وصولاً إلى مئوية تأسيسها عام 2071، كما أنها استمرار لما بدأته على مستوى احتضان الشخصيات المؤثرة، ودعم العلم والعلماء، والتأسيس لقاعدة معرفية مستدامة. فقد سبقتها مبادرات وبرامج عديدة من بينها برنامج نوابغ رواد الفضاء العرب، ومبادرة مليون مبرمج عربي. 
والمبادرة الجديدة تسعى إلى تحديد أهم 1000 نابغة عربي على مدار 5 سنوات في علوم الفيزياء والرياضيات والبرمجيات والبيانات والاقتصاد والأبحاث العلمية وغيرها، وذلك لتمكينهم علمياً لتقديم أعمالهم وأبحاثهم بما يخدم الحضارة الإنسانية، ويفيد الأجيال القادمة.
منذ قرون والعرب والمسلمون ليس لهم موقع ريادي بين دول العالم، وأعداد الذين يقدمون ابتكارات وإبداعات تفيد العالم قليلة جداً، إلى جانب نزف العقول إلى دول الغرب والذي بدأ منذ عقود، وهو ما أسهم في إفراغ المنطقة من النوابغ والطاقات المبدعة.
الإحصائيات الرسمية تفيد بأن 60% من الأدمغة هاجرت إلى الدول الغربية، والعرب وحدهم يسهمون بنحو 31% من مجموع الكفاءات والعقول المهاجرة تلك. من بينهم 50% من الأطباء و23% من المهندسين، و15% من العلماء يفضلون الهجرة على البقاء في بلدانهم. وحسب دراسات أجرتها جامعة الدول العربية، فإن ما يربو عن 100 ألف من أرباب المهن وعلى رأسهم العلماء والخبراء كل عام يهاجرون، و54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلادهم، كما أن 20% من خريجي الجامعات العربية يهاجرون إلى الخارج، ونحو 60% من الطلبة العرب ممن درسوا في الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة الماضية لم يعودوا إلى بلدانهم، فيما لم يعد 50% من الطلبة الذين درسوا في فرنسا. 
ولا تتوقف الخسارة عند هجرة العقول فقط. فالدول العربية تتكبد ما لا يقل عن 200 مليار دولار سنوياً وفق تقارير منظمة العمل العربية، والسبب يعود إلى كلفة تأهيل الطلبة في المدارس والجامعات المحلية، وسفر قسم من هؤلاء لمتابعة تعليهم في الدول الغربية، ولكن غالبيتهم يستقرون فيها بعد إتمام تعليمهم، وهو ما يشكل بالفعل خسارة كبيرة لدولهم، وبالتالي تعطيل فرص انتقالها الحضاري وتطورها.
كل تلك الدراسات وسواها تستثمرها الإمارات اليوم لتحفز المبدعين وتدعم مشاريعهم وأبحاثهم، وهو ما سيعود مستقبلاً بالفائدة على العرب عموماً. إن إعادة إحياء الدور الحضاري للعرب مسألة في غاية الأهمية وخصوصاً في هذه المرحلة من التاريخ، كما أن الاهتمام بالشباب من خلال مبادرة تجمع شملهم وتوفر لهم الإمكانات، لا بد وأنه سيستنهض هممهم، ويحفزهم على مواصلة تعليهم وتطوير معارفهم.
إن الاستثمار في الشباب والعلم والبحث يقود حتماً إلى مستقبل عربي أفضل مما هو عليه اليوم، ومع مبادرة «نوابغ العرب» سيكون للشباب المبدع وللمفكرين والعلماء والباحثين من مختلف المجالات والاهتمامات والتخصصات فرص عظيمة للإنجاز، وبالتالي لتغيير الواقع، وهو ما يأمله الجميع من دون شك. لقد آن الأوان لأن يستعيد العرب شأنهم العلمي والحضاري الذي كانوا عليه قبل قرون، وآن الأوان لأن تعيش الشعوب العربية أملها بـ1000 نابغة عربي.