الإماراتيون طيبون ومحبون، فتحوا قلوبهم لشعوب الدنيا، فصنعوا نسيجاً من التعايش لم تعرفه الدول الحديثة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتابع بانبهار وإعجاب نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة ومنهجها في التسامح الذي جعلت منه قوانين وطنية غير مألوفة حول العالم بينما هي أسست الحياة الاجتماعية والاقتصادية في هذه البلاد الصحراوية التي تعيش سباقاتها الذاتية في منافسة لا تنتهي مع منجزات تحققت بكسر المستحيلات.

ما تعرضت له العاصمة الإماراتية أبوظبي من عدوان إرهابي تبنته ميليشيات «الحوثي»، واستهدف منشآت وأعياناً مدنية أحدث رد فعل دولياً تضامنياً غير مسبوق، وهو ما يؤكد أن العالم صدم من التصرف الأرعن لميليشيات غير منضبطة وتعيش في أيديولوجية الإسلام السياسي المتعطشة للدمار والخراب وهي انعكاس لخسائرها العسكرية الميدانية بعد أن أعادت ألوية العمالقة الجنوبية انتشارها في الساحل الغربي من اليمن وأطلقت عملية «إعصار الجنوب»، التي وفي ثمانية أيام غيرت التوازنات العسكرية كلياً في الحرب اليمنية.

تحررت مديريات محافظة شبوة النفطية واستعيدت المناطق التي سلبتها القوات التابعة لحزب الإصلاح (إخوان اليمن) ومع هذه التحولات الدراماتيكية كشفت عورة التخادم بين «الحوثيين» وحزب «الإصلاح» في مشروعهم استنزاف التحالف العربي، فلقد اتضح أن «الحوثي» لا يشكل قوة كما تقدم، لولا تخادم الطرفين وهو ما شكل صدمة لميليشيات «الحوثي» وأدخلها في حالة تخبطات انعكست على مواجهات بين قياداتها في داخل العاصمة اليمنية صنعاء.

التخبطات «الحوثية» قادت الميليشيات لترتكب جريمة استهداف العاصمة الإماراتية أبوظبي لتفريغ شحنات الهزائم المعنوية التي منيت بها هذه الميليشيات لدى أتباعها وللهروب من خسائرها الميدانية الكبيرة، فهي خسرت في شبوة أوسع مساحة جغرافية كانت تسيطر عليها بالإضافة لخسارتها معقل الثروة النفطية والغازية في الجنوب، كما أن الخسارة أفشلت مخطط «الإخوان» حول ميناء بلحاف الاستراتيجي، وبذلك تكون الضربة التي تلقتها الميليشيات أقوى بكثير من تحليلات البعض وتقييمهم للموقف، الذي من خلاله تحولت الميليشيات للمرة الأولى من طور الهجوم في جنوب محافظة مأرب إلى الدفاع منذ إسقاط خالد بحاح في أبريل 2016.

الضغط على ميليشيات الحوثي دفعها لتتخذ القرار الخطأ مع الهدف الخطأ، فالإمارات كالأسد الذي تم استفزازه بعملية غادرة رفعت درجة الغضب في دولة الإمارات بدرجة عالية، فهذا الاعتداء فيه انتهاك للسيادة الوطنية للبلاد ولعل تعبير سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي بأن الاعتداء لن يمر دون عقاب كان الإشارة الأوضح أن المعتدي يتحمل تبعات حماقة قراره الخاطئ.

عسكرياً كان الرد بما يكفله القانون الدولي الإنساني وتحت الغطاء السياسي الممنوح للتحالف العربي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2216، كما توسعت الضربات الجوية للتحالف باستهداف مواقع استحدثتها ميليشيات الحوثي في ميناء الحديدة بعد أن استغلت اتفاق ستوكهولهم لتحويل الميناء لمنصة قرصنة بحرية وتهريب للسلاح بما يمثل هتكاً من المليشيات الحوثية للاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة في 2018 دون أن يحقق مستهدفاته بسبب اصرار المليشيات على عدم تنفيذه.

الإماراتيون وفي غضبهم تحركوا دبلوماسياً وطالبوا مجلس الأمن الدولي بإدانة واضحة للعدوان على بلادهم بما سيجعلهم يواصلون ضغوطهم لإعادة وضع «الحوثيين» في قائمة المنظمات الإرهابية بما سيوسع من عمليات مكافحة الإرهاب ضدهم في اليمن كما سيقلص من فرصتهم السياسية في تسوية ما بعد الحرب، الغضب الإماراتي أفقد الحوثي صوابه وأسقط ما حوله من أولئك الإخوان الباثين لدعايات الوهم، فالحكمة تقول: اتّقِ شر الإماراتي إذا غضب، والإماراتي غاضب جداً فهذه سيادته على بلاده ولا يلام الإماراتي إذا غضب.

* كاتب  يمني