بعد أسابيع من الانتظار، لم يظهر تقرير سو جراي، بل أصدرت المسؤولة البريطانية البارزة تحديثاً موجزاً ​​عن تحقيقها في حفلات داونينج ستريت التي هيمنت على الأخبار البريطانية منذ بداية العام. لكن عدم توافر التفاصيل لا يعني أن بوريس جونسون قد نجا من المأزق. وعدم ظهور التقرير لم يمثل مفاجأةً حقيقيةً.

ويدا جراي كانتا مقيدتين حين قررت الشرطةُ إجراء تحقيق خاص بها، ومنعت جراي من إصدار حكمها على النتائج التي يتوصل إليها تحقيق الشرطة من خلال نشر تقرير مفصل. وعلى الرغم من إجراء مقابلات مع أكثر من 70 شاهداً وجمع المئات من رسائل وصور الواتساب.. لم تستطع جراي سوى إصدار بعض النتائج العامة.

لكن التقرير سيصدر في نهاية المطاف كاملاً، وسيتعين على نواب حزب المحافظين اتخاذ قرار بشأن معيار الاستقامة المطلوب في المناصب العامة. وفي نهاية المطاف، يبقى مصير رئيس الوزراء بأيدي هؤلاء النواب. وفحصت جراي 16 اجتماعاً مختلفاً في الفترة الممتدة بين مايو 2020 وأبريل 2021، في وقت خضعت فيه بريطانيا لقيود إغلاق مختلفة كانت تعني منع الناس من رؤية ذويهم.

لكن على ما يبدو فإن ما وجدته جراي أحبطها إلى حد ما. وقد كتبت تقول إن ما حدث «يمثل تقاعساً شديداً ليس فقط عن الالتزام بالمعايير المرتفعة المتوقعة من أولئك الذين يعملون في قلب الحكومة، بل أيضاً تقاعساً عن الالتزام بالمعايير المتوقعة من جميع السكان البريطانيين حينذاك».

وذكرت الشرطة أن لديها أكثر من 300 صورة و500 صفحة من المعلومات قدمها تحقيق جراي. ومن المقرر أن تكون هناك تكهنات مستمرة، وربما تسريبات، حول حالة التحقيق والأشخاص الذين تستجوبهم الشرطة. وتستطيع صورة واحدة قابلة للنشر على انستجرام تغيير المزاج بين أعضاء حزب المحافظين. وحاول رئيس الوزراء جاهداً خلال تصريحه أمام مجلس العموم، يوم 31 يناير، الاعتذار مرة أخرى وتجاوز الفضيحة. وأعلن عن إجراء إصلاح شامل للفوضى في داونينج ستريت، وأكد أن الحكومة ستركز أكثر من أي وقت مضى على تنفيذ برنامجها. وحث المتشككين على انتظار نتائج تحقيق الشرطة قبل إصدار حكمهم.

وما زال الخيار المحوري لحزبه يتمثل في قبول زعيمهم كما هو أو البحث عن بديل. ففي واحدة من عدة لحظات درامية خلال الاجتماع البرلماني يوم 31 يناير الماضي، سرد آرون بيل، النائب عن حزب المحافظين، قصةَ سفره مئات الأميال لحضور جنازة جدّته في مايو 2020، حيث لم يحضر هناك إلا 10 أشخاص فقط بسبب قيود الإغلاق. وسألت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي خليفتَها جونسون ما إذا كان لم يقرأ القواعدَ أم لم يفهمها، أم ببساطة لم يعتقد بأن القواعد واجبة التطبيق؟ واجتمع جونسون مع مجموعة من نواب حزب المحافظين مساء 31 يناير، وحثهم على المحافظة على ولائهم. وأعلن أنه أعاد تعيين الخبير الانتخابي لينتون كروسبي لتقديم النصح له. وأي شخص شاهد جونسون يلقي كلمة في مؤتمر حزبه السنوي، سيقر بأن تأثيره قد يكون مذهلاً. وجونسون لا ينسى أنه يجب عليه استعادة تأييد الرأي العام.

وأعلن جونسون أمام البرلمان «أعرف ما هي القضية. الأمر يتعلق بمدى إمكانية الثقة بهذه الحكومة للقيام بمهامها. وأنا أقول: نعم يمكن الوثوق بنا». وهذا قد يعني أنه يدعو الناس إلى عدم الالتفات إلى انتهاك القواعد أو الأكاذيب والتركيز على الوعود التي تُنفذ. وبالفعل، هناك عملية واسعة النطاق للفت الأنظار بعيداً عن الحفلات التي أقيمت أثناء الإغلاق. فقد أصدرت الحكومة، في 31 يناير، تقريراً مؤلفاً من 108 صفحات حول «فوائد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي» وعد ببيئة تنظيمية هي الأفضل من نوعها. والورقة الخاصة بسياسة جونسون المحورية لإعادة توازن الاقتصاد البريطاني يتوقع نشرها قريباً، بعد أن طال انتظارها.

وذكر كير ستارمر، زعيم حزب العمال، أنه لا يقبل أن يكون هناك نفع من «افتقار رئيس الوزراء هذا إلى النزاهة». وأكد أنه يجب أن تكون هناك أهمية للأمانة واللياقة، «مهما كان من أمر السياسات التي تتبعها».

ويرى بيل، النائب المحافظ، أن الناس إذا شعروا أنه تم استغفالهم، لن يبالوا بالمكاسب التي حققها زعيم مشكوك في استقامته. وعبر أنتوني ويلز، الخبير في استطلاعات رأي «يوجوف» عن شكوكه في قدرة جونسون على البقاء طويلاً لأنه بمجرد فقدان الثقة، فمن الصعب جداً استعادتها. وبعد ضغوط كبيرة من حزبه، تعهد جونسون بنشر تقرير جراي بالكامل عند الانتهاء منه. لكن لا تقرير جراي ولا نتائج الشرطة، بوسعهما إجبار جونسون على ترك منصبه في نهاية المطاف. فهذا من اختصاص النواب المحافظين في البرلمان الذين يتعين عليهم تقرير مدى رضاهم عن وجود رئيس وزراء مشتبه في استقامته. وكانت هذه هي النقطة التي واجه بها ستارمر نواب حزب المحافظين حين قال: «استمرار قيادته تعني المزيد من سوء السلوك والتستر والخداع». فهل يوافق الجمهور؟ بعد كل هذا الانتظار لما تقوله جراي، هناك المزيد من الانتظار. فربما يكون الجمهور قد اتخذ قراره بالفعل.

صحفية أميركية معنية بالشأن الأوروبي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»