نحن الآن في منطقة الشرق الأوسط وكدول عربية، نحتاج لتحقيق الاستقرار ودعم التعاون بين الدول لما فيه خير شعوب المنطقة. في الأيام الماضية شهدنا حدثاً سياسياً نوعياً تجلى بزيارة للرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات وهي الأولى له لبلد عربي منذ عام 2011، لتعلن الإماراتُ ضرورةَ عودة سوريا إلى الحضن العربي، لما لذلك من أهمية كبيرة في تخفيف معاناة الشعب السوري، وفي رأب الصدع العربي وتحقيق تكامل لصالح المنطقة ككل. فالتحديات التي يمر بها العالم كبيرة وتحتاج منا أن نوحد الجهودَ ونقرِّب بين وجهات النظر. وسوريا بلد له وزنه وأهميته، والتعاون معه يمكن أن يفتح آفاقاً اقتصادية للشعب السوري وللدول المحيطة أيضاً.

وما من شك في أن هذا النوع من التكامل سيساعد في تجاوز أزمات مستقبلية بطريقة أكثر كفاءةً. فالدول العربية جمعاء إن نسقت فيما بينها ستوفر كافة الاحتياجات الغذائية والصحية والاقتصادية، فنحن في هذه المنطقة نمتلك كل شيء من الطاقة إلى الغذاء إلى الأيدي العاملة إلى المواهب والكفاءات، وكل ما نحتاجه طي صفحة الأزمات في منطقتنا، والانطلاق نحو التعاون والتنسيق والعمل الجاد.

ولا بد هنا أن نشيد بنهج قادة الإمارات وفكرهم المستنير وقدرتهم على قراءة الحاضر والمستقبل، والتصرف بناءً على تلك القراءات، فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سبق أن قال: «العالم يمر بمتغيرات كبيرة، وموازين جديدة، وتحالفات صعبة، لن تكون الغلبة في النهاية إلا للأمم القوية الغنية المتقدمة». وقال أيضاً: «ألم يحن للعرب أن يتقاربوا، ويتعاونوا، ويتفقوا، حتى يكون لهم وزن، ورأي ومكانة في التاريخ الجديد الذي يصنع الآن».

وهذه الجمل تلخص نهجَ دولتنا ودورها المستقبلي ورؤيتها الواضحة لما يجري حولها في العالم.أما ملامح دور الإمارات فرسّخها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث رسم نهج الإمارات في المرحلة المقبلة كدولة صانعة للسلام وتؤيد الحلول السلمية وخفض التصعيد، إذ سبق وأكد أن «الإمارات برئاستها مجلس الأمن الدولي، تبذل كل ما في وسعها من أجل تشجيع الحلول السلمية للأزمة الأوكرانية، والعمل والتعاون مع الأطراف المعنية لتعزيز السلام الدولي»، وهذا يلخص دور الإمارات الريادي في العالم من أجل تحقيق الاستقرار لما فيه من خير جميع شعوب المنطقة، ونهج طريق التقارب بين الدول وتحقيق السلم العالمي.

التحديات كبيرة وغير مسبوقة في العالم الذي يمر بمتغيرات كبرى وعلى كافة المجالات، والتي ستخلق بكل تأكيد تحديات لا عهد لدول المنطقة بها، فالنظام العالمي في مرحلة إعادة تشكل غير واضحة المعالم، وكل ذلك له أثر على دول العالم قاطبة، ليس في المجال الاقتصادي فقط بل في كافة المجالات.

وفي كل أزمة يمر بها كوكب الأرض ندرك أننا لا نعيش بمعزل عن الآخرين، فالعالم أصبح قريةً كونيةً؛ وحين هب وباء كورونا انتشر في كل دول العالم، وتسبب في أزمة صحية واقتصادية طالت الجميع، والآن وخلال الحرب الحالية في أوكرانيا نشهد تبعات مباشرة على كافة الدول، من تقلبات في الأسواق وشح في الموارد، إلى حرب أسعار صعدت بطريقة غير مسبوقة، مروراً بتهديد الأمن الغذائي للدول التي تعتمد على منتجات من بلدان الأزمة أو حتى تلك القريبة منها. فما يحدث يؤكد أننا لا يمكن أن نفصل أنفسنا عن الدول الأخرى، لذا وجب تعزيز التعاون في المنطقة بهدف إيجاد الحلول لكل الأزمات التي يمكن أن تطال دولها.

*كاتب إماراتي