زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لدولة الإمارات تنطلق من رؤية إماراتية مدروسة بتنسيق عربي، لكسر حالة الجمود السياسي من أجل خلق أجواء بداية عودة سوريا إلى الصف العربي، والتي لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج لجهود دبلوماسية إماراتية بدأت عام 2018 حين تمت إعادة افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق، والذي لاقى افتتاحها أهمية كبيرة لما تحمله من رسائل تؤكد على ضرورة عودة سوريا للبيت العربي، وأهمية العمل على ترميم العلاقات العربية وتطويرها بما يتناسب مع التحديات، وحتى لا تترك الخلافات فراغاً تملؤه القوى الباحثة عن فجوات، تربك به الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.

وكانت زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الأخيرة إلى دمشق، بمثابة الانتقال من وضعية العزلة السياسية إلى إعادة بث الأمل للشعب السوري، الذي عانى لعقد من الزمان من فوضى الإسلام السياسي الذي أوصل سوريا إلى صراع أبعدها من حضنها العربي الطبيعي، وسبب أزمة إنسانية نتج عنها ملايين من الضحايا واللاجئين، وهذا ما توقفت عنده شجاعة السياسة الإماراتية عبر فتح بوابة أبوظبي لتعود من خلالها سوريا إلى نسيجها العربي، وانتشالها من طريق الخراب والدمار إلى طريق الأمل والازدهار.

ستساهم الخطوات الإماراتية الإيجابية في عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، بحيث تقود أبوظبي التنسيق العربي لتحقيق المشاركة السورية، سواء خلال القمة العربية القادمة أو المستقبلية، فالمهم هو تعديل المسار السوري، خصوصاً أن دمشق باتت مستعدة لفتح صفحة جديدة وتجديد العملية السياسية السورية، والعمل ضمن المنظومة العربية على إعادة إعمار سوريا.

فجرت زيارة القيادة السورية إلى الإمارات غضب تنظيم «الإخوان»، واستنفرت آلة «الإخوان» الإعلامية، فالزيارة الدمشقية إلى عاصمة التسامح الإنساني أبوظبي، بمثابة إعلان لفشل مشروع «الإخوان» والجماعات الإرهابية في سوريا، وهذا ما تصبو إليه القيادة الإماراتية في عدم ترك سوريا وهي أحد أعمدة الوطن العربي بين فكي القوى الظلامية الطامعة، ومؤامرات ميليشيات الإرهاب والتطرف، فالفاتورة التي دفعها الشعب السوري كبيرة، ولا يمكن استمرار سوريا في حالة الفوضى المستمرة، ورهينة لتدخلات قوى خارجية على قرارها السياسي.

هناك دول تهدم الأوطان ولا يهمها الإنسان، بينما هناك نماذج لدول مشرفة، تبني وتعيد الأمل للأوطان، والإمارات ستساهم بشكل كبير في إعادة إعمار سوريا، لأنها لم تتخل طوال الأزمة السورية عن الشعب السوري، حيث لم تتوقف التأشيرات وتسهيلات الإقامة للسوريين، واستمرت المساعدات الإنسانية الإماراتية خلال فترة جائحة كوفيد- 19، في دلالة على أن السياسة الإماراتية أبقت الأبواب مفتوحة للدمشقيين، واليوم عادت دمشق للعرب لأن المنطقة منطقتنا، وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها، ويحسب لدولة الإمارات حرصها على أمن شعوب المنطقة العربية، والبوابة الظبيانية تؤكد من جديد، أنها تستطيع حل أشد المعادلات صعوبة.

* إعلامية وكاتبة بحرينية.