يواجه الأمن المائي في العصر الحديث تحدّيات غير مسبوقة، لا سيَّما مع التغيّرات المناخية التي تمثّل أكبر تهديد له، بتهديدها للحياة على كوكب الأرض. ويزيد من صعوبة التحديات انتشار الصراعات واستمرار الحروب التي تأتي على موارده وتخرّب مقوّمات تنميتها، وكذلك النزاعات حول موارده، ما قد يفضي أحياناً إلى نشوب صراعات تتجاوز الأمن المائي الوطني، فتهدّد الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، كل ذلك في ظلّ ضعف التعاون الدولي في مجال تحقيق هذا الأمن.وقد احتفى العالم في الثاني والعشرين من الشهر الجاري باليوم العالمي للمياه إذكاءً للوعي بتعذُّر حصول ما يزيد على ملياري فرد على المياه الصالحة للشرب، وتحفيزاً للجهود المبذولة لاتخاذ إجراءات لمعالجة أزمة المياه العالمية، ودعماً للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة الذي يعالج مسألة إتاحة المياه ومرافق الصرف الصحي للجميع مع حلول عام 2030.

ما من شكّ في أن قضية الأمن المائي، تتطلب حشد الإرادة السياسية وتعزيز التعاون الدولي، والتحرُّك الجماعي والمؤسسي، عبر تضافر جهود كل الدول والمؤسسات الحكومية وغير المحكومية، من أجل وضع حلول مستدامة لهذه القضية، وعدم الاكتفاء بالحلول المرحلية أو الآنية، إذ إن العالم بحاجة إلى تعظيم الاستفادة من التكنولوجيا وحوكمة الموارد، وتعزيز الحوار لتحقيق الأمن المائي المستدام، فضلاً عن حماية مصادر المياه والأحواض المائية من التلويث المتعمَّد كحقٍّ أصيل للشعوب، في الوقت الذي تحتاج فيه دول الأحواض النهرية العابرة للحدود إلى استخدام الدبلوماسية الذكية في مجال المياه، لأن تحقيق الأمن المائي يحتاج إلى استراتيجية ذكية ومتكاملة تتطلب بالضرورة مساهمة المبتكرين فيها بجدية، من أجل إيجاد حلول تكون كفيلة بمعالجة كافة التحديات المرتبطة بالتنمية المستدامة وشحّ المياه.

تريندز للبحوث والاستشارات