تتواصل الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ويطرح بالتالي النقاش حول من هو الطرف الذي يتحمل المسؤولية في بدء الحرب. فهل أساء حلف «الناتو» التصرف مع روسيا، وهو ما يفسّر القرار الروسي بخوض الحرب؟ أم هل أقام الغربيون علاقات جيدة مع روسيا، التي كانت قد حسمت قرارها أصلاً وكانت مصممة على إطلاق هذه الحرب، مهما حدث؟
مما لا شك فيه أنه لا يمكن النظر إلى اللاعبين المختلفين على أنهم متساوون في المسؤولية. وفي مجال العلاقات الدولية ليس كل شيء أبيض أو أسود، بل هناك تفاوت واختلاف في المسؤوليات. وسكان مدينة ماريوبول ليست لديهم أي مسؤولية عن الأخطاء التي ارتكبها الغربيون في حق موسكو عند الخروج من الحرب البادرة. فالغرب لم يدر ظهره لروسيا بشكل كامل في سنوات التسعينيات: ذلك أنه تم قبول انضمام هذه الأخيرة إلى مجلس أوروبا في 1996، ثم إلى «مجموعة السبعة»، التي أصبحت تعرف لاحقا ب«مجموعة الثمانية»، في سنة 1997 – على الرغم من أن ناتجها المحلي الإجمالي آنذاك كان يعادل الناتج المحلي الإجمالي لهولندا. 
غير أن الغرب لم يكن ودوداً ومرحِّبا فقط إزاء موسكو. فانهيار الاتحاد السوفييتي إنما حدث لأن الرئيس الأميركي جورج بوش رفض تقديم المساعدة التي طلبها الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشيف في يوليو 1991. ولا شك أن توسيع حلف «الناتو» كان مشكلة أيضا. فجورج كينان، مبتكر مفهوم «الاحتواء»، والذي لا يمكن بالتالي اعتباره متساهلاً إزاء موسكو، كان قد اعتبر أن هذا التوسيع هو أكبر خطأ يمكن أن ترتكبه المنظمة. ومن جانبه، حذّر الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران من هذا الأمر، على غرار كيسنجر. 
وفضلا عن ذلك، أدت الحرب ضد يوغسلافيا في 1999 أيضا إلى تسميم العلاقات بين موسكو والغرب. إذ كانت تنظر إليها موسكو باستياء، وكانت تمثّل بالنسبة لها الدليل على «الناتو» ليس مجرد تحالف دفاعي. كما اعتبر الروس إقامة نظام دفاع مضاد للصواريخ على أنه نسف للتكافؤ النووي بين موسكو وواشنطن. 
ولعب بوريس يلتسن دوراً أساسياً في انهيار الاتحاد السوفييتي بسبب رغبته في أن يصبح رئيساً لروسيا. ذلك أن يلتسن هو الذي قاد بلاده بطريقة لا يمكن التنبؤ بها تماما ونظّم نهبها من أجل توزيع ممتلكات البلاد وثروتها على أصدقائه الأوليجارشيين، وهو ما يفسّر إلى حد كبير انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى النصف خلال الفترة الممتدة بين 1991 و2000. وعندما وصل فلاديمير بوتين إلى السلطة في 1999، كان هدفه هو استعادة مجد روسيا وعظمتها وكذلك سلطة الدولة، وهو ما انكب على تحقيقه بطريقة سلطوية. 
ينبغي أن يسمح هذا النقاش بالتفكير في موقف العالم الغربي الذي كان ينجر أحياناً وراء الغطرسة، والثقة المفرطة، والإرادة في فرض رؤيته وقيمه على الآخرين. فالغرب قد يكون فخوراً بقيمه، ولكنه يخطئ في كل مرة يحاول فيها فرضها في الخارج. وعلى عكس ما يقوله البعض، فإن حقيقة أن الغرب ارتكب أخطاء في حق روسيا ليست أطروحة من قبل أنصار بوتين فحسب: بل إنها أطروحة يؤيدها غورباتشيف والعديد من المسؤولين أو المثقفين الغربيين، ومن بينهم عدد لا يمكن اتهامهم بأنهم شركاء لبوتين، وإنما يرغبون في الاشتغال على عالم أكثر تعددية وأكثر تعاونا وتنسيقا. ولكن من جهة أخرى، ينبغي التذكر وربما عدم تكرار الأخطاء نفسها إزاء روسيا وعدم معاملتها كبلد مغلوب، وإن كان المرء يتمنى في الحقيقة خسارتها في الحرب.
مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية- باريس