أخيراً يسير اليمن نحو طوق النجاة، فما شهده خلال الفترة الأخيرة من تطورات إيجابية هو عبارة عن خطوات إنقاذ تنتشل البلاد وتسير بها نحو السلام والوئام، فبعد الهدنة التي أعلنها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، وإعلان الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية في اليمن قبول الهدنة، تأتي هذه الخطوات الضرورية بإنشاء مجلس رئاسي بقرار حكيم من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، استكمالاً للمرحلة الانتقالية، حيث قام بتفويض صلاحياته كاملةً، مع صلاحيات نائبه، إلى مجلس قيادة رئاسي يتألف من 8 أعضاء يرأسهم المستشار الرئاسي رشاد العليمي.

وهي خطوة مهمة للغاية، بهدف تحقيق السلام المنشود وتتويج الجهود المتواصلة لكل من الإمارات والسعودية بهدف الوصول باليمن إلى بر الأمان وتحقيق مصالحة شاملة تثبت أن اليمن لكل اليمنيين. أهمية هذه الخطوة الدستورية التي جاءت تنفيذاً للمبادرة الخليجية وآليتها كونها ترسم طريقاً واضحاً لتحقيق السلم في اليمن.

والمجلس المتشكل حديثاً سيكون من مهامه إدارةُ وتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية في اليمن على الصعيد السياسي والعسكري، وحتى التفاوض مع الحوثيين بهدف الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم وثابت، وبعدها الجلوس على مائدة المفاوضات بغية الوصول إلى الحل الشامل لإنهاء معاناة اليمن.

فهذا هو الوقت المناسب، وذلك لأسباب منها ما يتعلق بوصول الأطراف لقناعة مفادها أن اقتسام السلطة في دولة لكل اليمنيين هي الحل الوحيد، دولة موحدة تواجه الظروف الاقتصادية السيئة، وهذا هو التحدي الحقيقي بعد التسويات السياسية وإنهاء الصراع، وهذا ما تريده دول الخليج من البداية بهدف تحقيق دولة تشاركية لكل اليمنيين تخضع للقانون والدستور كأساس للشرعية. المجلس الرئاسي متنوع، وستكون هناك هيئة للتشاور والمصالحة تضم 50 عضواً بهدف لم الشمل وتوحيد جميع القوى الوطنية ووقف القتال والتوصل لسلام يحقق الأمن والاستقرار في اليمن كما جاء في الإعلان الرئاسي.

كما يجدد الثقة بالحكومة المشكلة بموجب اتفاق الرياض مع تمتع المجلس بصلاحياته لإجراء التعديلات. إنها خطوة تؤسس لدور تشاركي يحقق تطلعات أهل اليمن في المشاركة وتوزيع الثروة وحماية كل اليمنيين وليس فئة معنية، وليس أن يقوم كل طرف بحماية جماعته دون باقي اليمنيين، فاستقرار اليمن ككل يتطلب أن تكون أي سلطة تحكم اليمن تنظر للجميع بشكل متساوٍ، فالكل لهم جميع الحقوق والواجبات.

واللافت هو حجم الترحيب العربي والدولي بهذه الخطوة التي قالوا عنها إنها خطوة دستورية متممة للمبادرة الخليجية، وتجسد الشرعية وتقود للسلام، كما تمثل فئات متنوعة من اليمن، وتحقق توسيع التمثيل، بحيث يكون كل الشعب اليمني ممثلاً في مجلس يسعى لأن يرسم طريق البلاد ويحقق تطلعاتها، وهي تطلعات طال انتظارها وحان موعدها. فالتغيرات المحلية في اليمن، كما الدولية، تفرض نفسَها على الواقع في البلاد، وقبل كل ذلك حاجة الشعب اليمني لحل شامل وعادل، وهذا هو لب التحركات الخليجية والجهود المبذولة من أجل أن يكون اليمن لليمنيين وليس لأحد آخر.

التحدي الأبرز بعد تحقيق المصالحة السياسية هو الشق الاقتصادي، وهو تحد كبير يتعلق بكافة مفاصل اليمن سواء في القطاع الحكومي أم في القطاع الخاص، فاليمن بحاجة لأن يلملم جراحه ويعيد بناء قدراته الاقتصادية، وهنا لا بد أن يكون لدول الخليج دور مهم للغاية في مساعدة اليمن، ليس فقط عبر مساعدات مباشرة، إنما عبر تحديث منظومته الاقتصادية، سواء على مستوى إصلاح الإدارة، أم في ما يتعلق بالقضاء على الفساد أو تقديم النصح والإرشاد عبر بناء اقتصادي قوي ومتين.

*كاتب إماراتي