بعد مضي سبع سنوات على الحرب في اليمن واستمرار «التحالف العربي» في أداء الدور المنوط به، جاء وقت الانتهاء من هذه الكارثة التي تسبب «الحوثي» في إطالتها أكثر من اللازم. لا بد من ذكر ما يشرف مجلس التعاون في السعي منذ النشأة لاحتواء اليمن ضمن هذه المنظومة الخليجية الناجحة لأربعة عقود مضت، ولكن الظروف آنذاك حالت من دون تحقيق هذا الهدف. وبعد وقوع الفأس بالرأس في مارس 2015، لم يتوان مجلس التعاون عن طرح مشروعه الأول لرأب الصدع بين الأطراف المتنازعة في اليمن، وطن الجميع.

ومن بعد ذلك بادرت الكويت بوساطة أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، أمير الإنسانية، باستضافة كل أطياف اليمن على حسابه الخاص في مؤتمر استمر في حالة الانعقاد لقرابة ثلاثة أشهر متواصلة، وهو ما يعد أطول مؤتمر سياسي يعقد من أجل السلم في اليمن، ومع ذلك أصر «الحوثة» على الاستمرار في غي الحرب. ثم جاءت مرحلة «اتفاق الرياض»، وفرح العالم أجمع بهذا الإنجاز الذي وافقت عليه الأطراف اليمينية الثلاثة وهي: الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي و«الحوثيون».

في حينه، بين «اتفاق جدة» و«اتفاق الرياض» قطعت مسافة للسلام في اليمن الذي عانى من ويلات حرب السبعة أعوام. النصر الحقيقي هنا وليس في إبادة الأقوام من الأعداء أو الخصوم، التحالف العربي قرب للشعب اليمني مسافات التلاقي بين الشرعية والانتقالية، وهذه خطوة مهمة لزرع الأمل وإعادته وغرسه في نفوس اليمنيين بكل مكوناتهم الشمالية والجنوبية. ومع ذلك، واصل «الحوثي» كبرياء عنادهم الذي لم ينفع أي طرف في اليمن، حتى ساعة المشاورات الجارية حالياً بين اليمنيين أنفسهم وبرعاية جادة وحكيمة من قادة مجلس التعاون الذي لم ييأس لحظة في السلم المقبل على الشعب اليمني بكل أطيافه.

وهو ما أكد عليه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بأن «المشاورات اليمنية-اليمنية تنطلق في ظل انشغال العالم بظروف ومتغيرات دولية متسارعة، وأوضاع سياسية وعسكرية واقتصادية صعبة. وأشار إلى أن نجاح المشاورات ليس خيارًا، بل واجب يتطلب استشعار الجميع للمسؤولية الوطنية، ونبذ كل أسباب الفرقة والتباينات الداخلية».

وفي نقطة فارقة ونادرة الحدوث، وهي تخص تنازل الرئيس هادي عن سدة الحكم من أجل أن تعود السعادة إلى يمن الجميع، وقد لحق بنوع من الحكام النوادر أمثال سوار ذهب السودان وبوتفليقة الجزائر، وهذا المثلث الذهبي مؤشر بارز على أن الأمة العربية لا زالت بخير ولن يعدم من ذلك على الدوام. وقد لفت وزير الدفاع السعودي إلى هذه الوقفة، من خلال تغريدة له على «تويتر»، أشار خلالها إلى «الخطوة الشجاعة والتاريخية التي اتخذها الرئيس اليمني السابق في نقل السلطة لمجلس القيادة الرئاسي، تؤسس لمرحلة مهمة وحاسمة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار لليمن والمنطقة. الصفحة الجديدة التي اختارها اليمنيون تتطلب استشعارًا للمسؤولية الوطنية من شرائح المجتمع اليمني كافة. نؤكد استمرار تحالف دعم الشرعية في اليمن بدعم المجلس على الصعد كافة، بما في ذلك الدعم العسكري لحين الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة».

* كاتب إماراتي