يتحدّث المبدأ السادس من مبادئ الخمسين عن ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، فيقول: «ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات، هي مهمة وطنية للمؤسسات كافة، دولة الإمارات، هي وجهة اقتصادية واحدة، ووجهة سياحية واحدة، ووجهة صناعية واحدة، ووجهة استثمارية واحدة، ووجهة ثقافية واحدة، ومؤسساتنا الوطنية مطالبة بتوحيد الجهود، والاستفادة المشتركة من الإمكانيات، والعمل على بناء مؤسسات عابرة للقارات تحت مظلة دولة الإمارات».

ورغم أن القضايا الخمس التي يطرحها المبدأ باتت من المسلمات التي يؤمن بها شعب دولة الإمارات، ولا يوجد جدال حولها، إلا أن تأكيد المبدأ السادس عليها بهذه الطريقة القوية يشكل مهمة وطنية مستقبلية، هي بمثابة خريطة طريق وخطة عمل سيتم العمل على تحقيقها في إطار مؤكد من الوحدة الوطنية الراسخة من قبل كافة الأطراف والجهات والمؤسسات الوطنية عامة وخاصة، ما يجسد نظرة مستقبلية ثاقبة لا بد وأن تقود دولة الإمارات وشعبها إلى كل ما هو أفضل على مدى الخمسين عاماً القادمة.

ولو سارت الإمارات وفقاً لخريطة الطريق هذه، فإنها ستصبح مستفيداً رئيسياً من ما يحدث من تطورات على الصعيد العالمي، وذلك نظراً لكون النمو آخذ في الانتشار في كافة دول العالم، فنحن بشكل خاص في موقف أو وضع قوي من زاوية القدرة على التنافس لتلبية احتياجات كافة الدول التي تسعى إلى التنمية وتحتاج إلى رؤوس الأموال الاستثمارية والخبرة في تشغيلها، خاصة في ما يتعلق بتطوير البنى التحتية فيها كالموانئ والمطارات وشتى الطرق والإنشاءات ومشاريع الإسكان الرأسية والأفقية، بالإضافة إلى القدرة على توفير السلع الرأسمالية والمعدات عن طريق إعادة التصدير إلى كل بقعة من بقاع الأرض.

قبل ولوج القرن الحالي، كان يوجد مسمى «دول العالم الثالث»، لكي توصف به العديد من الدول التي لم تتمكن من حل معضلة التنمية لديها، لكن هذا المسمى لم يعد مفيداً أو حتى مناسباً أو دقيقاً، وربما أن مصطلح الدول النامية، هو أكثر دقة في هذا السياق، وذلك لأنه يشتمل على عدد متزايد من الدول التي تعرف حديثاً بالدول الساعية إلى التنمية الاقتصادية، وهذه الدول تحتاج إلى كل شيء تقريباً لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الجديدة، وهي تضم دول في آسيا وأميركا اللاتينية وبعض أجزاء أفريقيا، وهي على درجات متفاوتة من الثروة والنمو، بالإضافة إلى وجود عدد آخر من الدول في القارات الثلاث وهو يراوح في مكانه من عدم القدرة على النهوض وتعيش شعوبها في فقر مدقع وتخلف، بما في ذلك بعض شعوب دول أوروبا الشرقية ووسط آسيا التي نالت استقلالها في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي السابق والكتلة الاشتراكية برمتها.

ونتيجة لذلك الوضع العالمي الذي يحتاج فيه البشر وقوف القادر مع غير القادر، جاء مبدأ الإمارات السادس من مبادئ الخمسين لكي يغطي هذا الجانب، لأن الإمارات لا تعيش لذاتها فقط، إنما هي تسخر نفسها ومنذ أن قامت الدولة الاتحادية لخدمة البشرية بحس إنساني رائع تراعي فيه مجموعة من القواعد التي يتطلبها وضعها المتميز بين كافة دول العالم. ولأنها الآن في بداية الخمسين سنة القادمة من عمرها المديد وفي بداية تنفيذ مبدئها السادس، فإنها ارتأت أن تضع لنفسها منظومة من القواعد العامة التي تساعدها على تنفيذه وتشكل لها هادياً على هذا السبيل، وسنكتفي بتعدادها هنا على أمل العودة إليها في وقت قادم لشرحها بإسهاب.

هذه القواعد هي: الصبر في مجالات الاقتصاد والتجارة؛ والعدل في التعامل مع جميع دول العالم الصديقة؛ والتكيف مع جميع الطوارئ التي تنشأ؛ ورعاية المصالح الذاتية للوطن مع احترام مصالح الدول الأخرى؛ وأخيراً رعاية الدول الشقيقة والصديقة على مدار العالم ومد يد العون الصادق لها عند الضرورة.وصحيح أن مثل هذه الأمور صعبة التحقيق بالكامل وبشكل سريع، لكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة أولى واحدة وبالله التوفيق.

* كاتب إماراتي