في حوالي الساعة 8:15 من صباح أحد أيام الخميس في مارس الماضي، توقف أندري ريتانا، وهو طفل في الثالثة عشرة من عمره كان يقود الدراجة إلى مدرسته الإعدادية، عند إشارة الضوء الأحمر في تقاطع شارعي «إل كامينو ريل» و«غراند رود» في هذه الضاحية بمنطقة سيليكون فالي. 
وبينما كان أندري يقترب من الزاوية الجنوب شرقية للتقاطع على الرصيف، تقول المتحدثة باسم مجلس المدينة، قاد دراجته على طريق شاحنة بناء كانت تنعطف يميناً وسقط أمامها. وخلص تحقيق الشرطة إلى أن سائق الشاحنة توقف توقفاً تاماً عند إشارة الضوء الأحمر قبل أن يقوم بالانعطاف، ولأنه كان في مستوى أعلى داخل الكابينة، فإنه لم ير أندري الذي كان في النقطة العمياء للشاحنة. 
فدهست الشاحنة أندري. ولم يدرك السائق، الذي لم يكشف عن هويته، وقوع حادث مروري إلا بعد أن أشار عليه المارة بالتوقف. وتوفي أندري في المستشفى بعد ذلك بقليل. وأخلي سبيل السائق الذي لم توجه إليه أي تهمة. 
وقد يصف المرء وفاة أندري بالحادث، ولكن مثلما حاججت الصحافية جيسي سينجر، فإن الكثير من «الحوادث»، في العديد من جوانب الحياة الأميركية، بعيدة كل البعد عن كونها حوادث أو أشياء عرضية، وإنما هي النتيجة الحتمية لاختيارات سياسية واقتصادية يقوم بها المجتمع، وقد كان بالإمكان تفاديها لو أننا قمنا باختيارات أخرى أكثر أماناً. 
قريباً، ستتوصل الولايات والمدن الأميركية بـ1.2 تريليون دولار من تمويل البنى التحتية الذي اعتمده الكونجرس العام الماضي. وقد أخبرني بعض النشطاء ودعاة السلامة في الطرق أنهم ينظرون إلى هذا المال باعتباره فرصة كبيرة لإنقاذ طرقنا، ولكنهم يرون أنه من أجل استخدام ذاك المال على أحسن وجه، ينبغي أن نكون مستعدين للتفكير بشأن السلامة الطرقية بطريقة مغايرة. 
والواقع أن لا أحد يعرف ما إن كان أندري سيعيش لو أن «كالترانس»، وهي الوكالة المعنية بالمرور في ولاية كاليفورنيا والتي تدير شارع «إل كامينو ريل»، أنشأت هذا المعبر مع أخذ سلامة سائقي الدراجات والراجلين في عين الاعتبار. وفي هذا الإطار، اقترح ماثيو رو، وهو مخطط نقل في ائتلاف دوائر النقل، عدداً من جوانب السلامة البسيطة التي كان يمكن أن تساعد على تفادي مثل هذه الحوادث، ومن بينها إقامة مسارات محمية للدراجات توفر حاجزاً مادياً بين السيارات والدراجات. كما أشار إلى أن أحد الأسباب التي تجعل الناس يختارون السياقة على الأرصفة هو الخوف من قيادة الدراجة، إلى جانب السيارات على الطريق العام – وخاصة طريق يفتقر إلى مسارات معلَّمة خاصة بالدراجات، على غرار ما هو عليه الحال في هذا التقاطع. 

ولا شك أن الولايات المتحدة تمر بأزمة وفيات مرورية. ذلك أن قرابة 39 ألف شخص قتلوا جراء حوادث مرور على الطرق الأميركية في 2020، وهي أسوأ حصيلة منذ 2007. وقد أصبحت الطرق الأميركية خطيرة بشكل خاص بالنسبة لـ«غير مستخدمي» المركبات (أي سائقي الدراجات والمشاة). ففي 2011، كانت 16% من وفيات المرور لغير مستخدمي المركبات، ولكن في 2020 ارتفعت النسبة إلى 20%. وتمثل هذه الاتجاهات تحولاً كبيراً، ذلك أنه من السبعينيات إلى أواخر الألفينيات، انخفضت وفيات سائقي الدراجات والراجلين والأشخاص داخل السيارات على الطرق الأميركية انخفاضاً مطرداً. وهناك عدد من الأسباب الممكنة لارتفاع الوفيات، من بينها حقيقة أن أعداداً متزايدة من سياراتنا هي مركبات رباعية الدفع كبيرة الحجم وقاتلة، وأن الولايات تواصل رفع الحد الأقصى للسرعة، وأن مركبات تقاسم الرحلة زادت الطين بلة، وأن الناس كانوا يقودون مركباتهم بشكل أكثر تهورا خلال الجائحة. غير أنه بينما كشفت الكثير من المدن والولايات والحكومة الفيدرالية النقاب عن مخططات للتخفيف من مآسي الطرق، ظل التقدم عصياً وبعيد المنال.
في الوقت الراهن، يُعد المشي وقيادة الدراجة في الولايات المتحدة ممارسة محفوفة بالمخاطر مقارنة مع مناطق كثيرة من أوروبا. غير أنه يمكن تغيير هذه الأرقام المروعة. فحتى أمستردام لم تكن دائماً أمستردام: فإلى غاية السبعينيات، كانت جنة الدراجات الهولندية هذه تعتمد على السيارات مثل كثير من المناطق الأخرى في العالم، ولم تقرر أمستردام تبني سلامة الدراجات كجزء مركزي من مخططها الحضري، إلا بعد حملة كبيرة للنشطاء عقب مئات من وفيات الحوادث المرورية. 
وخلاصة القول، إن لدى الولايات والمدن الأميركية الآن فرصة للقيام بالأمر نفسه. ولكن عليها أن تتصرف بسرعة، وأن تتصرف بحزم. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»