نقف على بعد خطوات أخيرة من اكتمال عودة الحياة الطبيعية بنسبة مائة في المائة بعد 3 سنوات تقريباً من مداهمة جائحة كوفيد- 19 للعالم وعشنا معها تجربة مختلفة على كافة الأصعدة، فقد تماست تلك الجائحة مع الوجود الإنساني مهددة إياه بصورة مباشرة. وبعد أن أوشكنا على التخلص منها وترويضها تماماً تبقى التجربة شاهدة على نجاح الدولة في التعامل معها بصورة احترافية استطاعت من خلالها الحفاظ على التماسك والأمن المجتمعي ومواجهة التحديات والمهددات، التي تسببت فيها بصورة احتوت الآثار السلبية للجائحة بواقعية وبمهارة كبيرة.
لقد كانت الجائحة تهديداً مباشراً لكل جوانب الأمن الاجتماعي، وتركت أثراً كبيراً خاصة على الجانب الصحي والنفسي والمجتمعي والاقتصادي ولا يمكن أن ندرس أي أثر على جانب دون الآخر، فقد كانت الآثار متشابكة ومعقدة، وقد قدمت الإمارات نموذجاً ناجحاً في التعامل مع الجائحة والحفاظ على الأمن المجتمعي في أعلى درجاته وحماية المجتمع من تداعيات الآثار السلبية للجائحة، مما يجعل من تجربة جائحة كوفيد- 19 مرجعاً نقيس عليه تصوراتنا الاستشرافية، لأي أزمة استثنائية قد يواجهها الأمن المجتمعي الإماراتي.
عند بداية الجائحة مع حالة الخوف التي انتابت الجميع، إذ بيد قيادتنا الرشيدة تمتد بمظلة الأمان يوم خرج علينا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قائلاً (لا تشلون هم)، والتي لم تكن مجرد كلمة، بل كانت سياسة واستراتيجية استطاعت احتواء الآثار النفسية المتداعية مع بداية الجائحة.
وتوالت الإجراءات التي قامت بها الدولة لاحتواء الجائحة والآثار المباشرة على الأمن الاجتماعي فأطلقت برنامج التعقيم الوطني الذي حرصت من خلاله على تعقيم المرافق العامة والشوارع من أجل تحقيق أعلى معدل الأمان والحماية الصحية.
وحين نقلت لنا شاشات الأخبار حول العالم في حينها ونتيجة الإغلاق الذي ساد العالم حالة من نقص حاد في الكثير من الدول للسلع الأساسية، حرصت القيادة على تأمين المخزون الاستراتيجي للدولة من السلع الأساسية، ولم يشعر أي مواطن ومقيم على أرض الإمارات بنقص في أي سلعة.
كما لم يغب عن القيادة أهمية المعلومات وإطلاع المجتمع على الحقائق لمواجهة الشائعات والخرافات التي تنتشر في مثل تلك الظروف وتؤثر بصورة سلبية في نفسية أفراد المجتمع، وقد يؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة مهددة للسلم المجتمعي، ولذلك حرصت الدولة على المواجهة بشفافية إطلاع المجتمع على الحقائق والأخبار بصورة يومية.
كما واجهت الدولة التداعيات الاقتصادية للجائحة بالعديد من القرارات التي من شأنها احتواء الآثار السلبية للإغلاق ولتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية نتيجة الجائحة فدعمت المؤسسات والشركات والأفراد المتضررين بصور عديدة.
كانت دولة الإمارات من أوائل الدول التي وفرت اللقاحات للفيروس ووفرتها بصورة مجانية تماماً، واستطاعت أن تحقق معدل وصل في شهر أبريل 2022 إلى 97.59% من السكان تم تلقيحهم بجرعات كاملة. 
المجال لا يتسع لاستعراض ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة في موجهة الجائحة، فقد قدمت بعض النماذج الدالة على الآلية التي تحركت بها القيادة الرشيدة من أجل الحفاظ على المجتمع وأمنه خلال فترة الجائحة، والتي جعلت دولة الإمارات تُصنف في نوفمبر الماضي الأولى على العالم وفقاً لنتائج مؤشر المرونة في التعامل مع كوفيد 19 الصادر عن وكالة «بلومبيرغ» العالمية، كما جاءت ضمن سبع دول فقط على مستوى العالم لم تتأخر قط في ترتيبها على المؤشر منذ انطلاقه قبل نحو عام.
إن تجربة الإمارات في مواجهة الجائحة والحفاظ على صلابة وقوة الأمن المجتمعي خلال فترة الجائحة وجدت تقديراً من كل العالم، وعودة الحياة إلى طبيعتها يعود إلى تلك الاستراتيجية التي انتهجتها الدولة في الحفاظ على المجتمع وأمنه ومواجهة التداعيات.
إن الأمن المجتمعي هو القيمة الحاضرة دائماً في كل ما تواجهه الدولة من تحديات، وما حدث يعطينا الضمانة الكاملة للشعور بالأمن والأمان في ظل قيادتنا الرشيدة، التي تؤمن بأن الحفاظ على أمن المجتمع هو الركيزة الأساسية للمستقبل ولتحقيق النجاح الحضاري الذي تخطط له دولة الإمارات العربية المتحدة. 
أستاذ زائر بكلية التقنية العليا للبنات وباحثة إماراتية في الأمن الاجتماعي والثقافي