مرت ثلاثة أشهر تقريباً على الهجوم  الروسي على أوكرانيا. المعارك  ما زالت مستمرة، ولا يلوح في الأفق اليوم أي مؤشر على إمكانية وقف مستمر لإطلاق النار، ناهيك عن إمكانية للسلام. والبلدان الغربية عبّرت منذ بداية الاشتباكات عن رفضها لأن تكون طرفاً في هذه الحرب ولإرسال جنود لدعم القوات الأوكرانية. غير أن مساعدة عسكرية مهمة تبلورت بشكل تدريجي، ولم تفتأ تنمو وتزداد. 
فخلال الأسابيع الأولى من الحرب، صوّت الكونجرس الأميركي لصالح مساعدة عسكرية ومدنية لأوكرانيا قدرها 3.7 مليار دولار. ومؤخراً، طلب الرئيس جو بايدن زيادة قدرها 30 مليار دولار، ستخصص 20 مليار دولار منها لإرسال معدات عسكرية. وعلى سبيل المقارنة، تنفق روسيا نحو 60 مليار دولار سنوياً على دفاعها. 
هذه المساعدة لا تشكل بأي حال من الأحوال انتهاكاً للقانون الدولي، إذ يُسمح لأي بلد تعرض لاعتداء باستخدام القوة وطلب مساعدة عسكرية بطريقة غير رسمية من بلد آخر، إذا كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، وهو ما ينطبق على أوكرانيا. ولا شك أن من شأن قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي أن يسمح بدعمهم، ولاسيما بخصوص المساعدة الدولية، ولكن «الفيتو» الروسي يحول بالطبع دون التوصل لأي اتفاق من هذا النوع داخل المجلس. 
بيد أن هذا الوضع لا يمنع من طرح مسألة المشاركة في القتال، ذلك أن حجم المعدات العسكرية التي زُودت بها أوكرانيا يُظهر أن الغربيين انضموا على نحو واضح إلى خندق أوكرانيا، ويشكل بالتالي شكلاً من أشكال المشاركة في القتال. وينبغي أن نتذكر هنا أنه خلال الحرب الإيرانية العراقية (1981-1988)، اعتُبرت فرنسا من قبل إيران مشارِكة في القتال إلى جانب العراق نظراً لأنها كانت تزوده بطائرات «سوبر إتندارد». ووقتها، اتخذت إيران عدداً من التدابير الانتقامية ضد فرنسا بعد عدة عمليات قامت بها مقاتلات «سوبر إتندارد» استهدفت موانئ نفطية إيرانية على التراب الإيراني. 
في الوقت الراهن، المعدات العسكرية الغربية التي زُودت بها أوكرانيا لا تُستخدم لضرب أهداف في التراب الروسي. غير أن الغرب مشارك في القتال من حيث حجم المعدات التي نمد بها أوكرانيا. والأكيد أن وهمَ عدمِ المشاركة في القتال الذي يقول به البعض مريحٌ لنا ويخدم مصلحتنا لأنه يسمح لبلدان حلف الناتو بأن تتحاشى القول بشكل رسمي إنها في حرب ضد روسيا، ويسمح للروس بعدم الاضطرار للتأكيد على أنهم لا يحاربون بلدان الناتو بشكل مباشر. هذا الوهم سيستمر طالما أنه مفيد للأطراف التي تقاتل إلى جانب بعضها البعض، وهذه الأخيرة لن ترغب في توسيع الحرب ولن ترغب في الانخراط في هذه «الحرب العالمية الثالثة» التي يتحدث عنها البعض والتي قد تؤدي إلى حرب نووية لن يخرج منها أحد رابحاً. 
ولكن، ما الذي يمكن أن يضع حداً لهذه الحرب؟ وهل ينبغي السعي أيضاً إلى استرجاع القرم ومنطقتي لوغانسك ودونيتسك اللتين أعلنتا عن انفصالهما، عوضاً عن الاكتفاء باستعادة المناطق التي دخلتها روسيا منذ يوم 24 فبراير؟ وهل سيستطيع بوتين الرضا بخسارة كل الأراضي التي تمت السيطرة عليها ، وبالتالي الشعور الرضا عن خوض حرب من أجل لا شيء؟ وهل يمكن أن يبقى نظامه قائماً إن هو أعلن للروس أنه سينسحب من المواقع التي كانت تسيطر عليها روسيا قبل 24 فبراير؟ وهل سيسعى بأي ثمن إلى الحفاظ على السيطرة الترابية التي حققها منذ 24 فبراير؟ وهل هذا أمر يمكن أن تقبله أوكرانيا؟ الواقع أن هناك عدة أمور مجهولة ستتحدد نتيجتها النهائية وفق تطور الوضع العسكري على الميدان. 
وفي الأثناء، باتت روسيا الآن في وضع يميل إلى الدفاع عموماً، ولكن ذلك لا يمنعها بالضرورة من الحفاظ على مواقعها. وفي الجوهر، السؤال الذي يطرح هو: إلى أي حد يمكن لكل من روسيا وأوكرانيا، ولكن بقية العالم أيضاً، أن تتحمل كلفة حرب مكلفة للجميع؟
مما لا شك فيه أن حقيقة أن الأوكرانيين غير مستعدين لرؤية أراضيهم تبتر من جديد أمرٌ يمكن تفهمه بحكم أنه مسألة مبدئية. غير أنه من جهة أخرى، لا يمكن لروسيا أن تتحمل شنّ حرب لن تجني من ورائها أي ربح. وعليه، يبدو أن أي إمكانية لإيجاد حل يسمح بإنهاء القتال، عبر طرفي النزاع، أوكرانيا وروسيا، ينبغي أن تحفظ لهما  ماء الوجه، ذلك أن أياً من الطرفين لن يستطيع الخروج من هذه الحرب إذا كان ذلك لا يعطي الانطباع بأنه يحفظ ماء وجهه تجاه شعبه.
مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس