أدركت كما أدرك غيري كم من قيمة تمثلناها بفضل اقتدائنا بسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، كيف لا ونحن نرى فيه –رعاه الله- الأب الرحيم الحنون العطوف على شعبه وأبنائه، ونرى فيه الرجل الشهم الغيور على دينه، ونرى فيه الحامي للأوطان والمدافع عن حياضها، ونرى فيه الباب الصلب الموصد في وجه الفتن ودعاة التلاعب بالدين وخراب الأوطان واستغلال الإنسان، ونرى فيه جامع شمل العرب ومنقذهم مما أصابهم من الأدواء والبلايا والمحن، ونرى فيه القائد الواعي بواجب الوقت، الراعي للسلام والتسامح، والداعي للقيم الإنسانية والتفاهم والتناغم، ونرى فيه رجل الخير والمحبة والرحمة، يتطلع للاستقرار والنماء والازدهار، ونشر السعادة والأمان والاطمئنان في كل شبر من أرض الله الواسعة، ونرى فيه القدوة لكل شاب إماراتي، ونبض الوطن الذي به قِوامه، فهو المستقبل الباهر الزاهر بإذن الله تعالى وتوفيقه.
لقد أبهر سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد العالم بشجاعة مواقفه، وعمق حكمته، وتفرد عقلانيته ورؤيته، ففي أفعاله وأقواله تتلاقى القيم في رحاب شاسعة، وتشمخ فيها بواسق المبادئ وتثمر إلى أمد بعيد، آخذة من أسباب الحضارة بأوفى حظ وأتمه، كيف لا وهو امتداد حي وناطق لمدرسة الشيخ زايد الذي نهل من حكمته، واغترف من بحور علمه، وارتوى من سياسته، وتربى على يديه، فسار على نهجه في جميع المجالات، حتى أحببناه كحبنا لزايد –طيب الله ثراه-، وهو العضيد والقوي الأمين لقائد مرحلة التمكين الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله.
لقد حمى الله تعالى بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد –حفظه الله- قيم هذا الوطن من أن يعتدي عليها معتد أو متسلل، فقد وقف وقفات تاريخية في وجه التدين المغشوش، وبذل الكثير في سبيل حماية الإسلام المعتدل من الشوائب والاستغلال والتوظيفات الماكرة والمشبوهة، فخلد الله جل وعلا به معالم الدين من أن تُختطف، وحمى به شعائره من الذوبان.
لقد حرس الشيخ محمد بن زايد جملة من القيم الدينية وغرسها، لما يضطلع به من رؤية دينية عالمية، واثقة الخطى، يدرك التحديات، ويراهن على المكتسبات، ويدافع عن الرسالة الإنسانية، وينطلق من فهم عميق لما يحيط بهذه المنطقة.
وفي كل ظرف وتحدٍ يعلمنا سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد من قيمه ما يدهش ويشرف، ففي أزمة كوفيدـ 19 كان -حفظه الله- فارس مضمار القيم الإنسانية في هذا الظرف بحق، يعطي القريب والبعيد ليحفظ البشرية من هذا الوباء الخانق، وكان كلما ظهر متحدثًا هلت علينا من تباشير إطلالته البهية الخيرات، فكم من قلب وكم من بيت حلت عليه السعادة بسماع كلماته -حفظه الله- بقوله: «اطمئنوا»، «ولا تشلون هم» والبشرى بنتائج إيجابية، وكان يعجبه تمثل أبناء شعبه بقيم التلاحم والمحبة لهذا الوطن، فعندما سمع المواطن والمقيم ينشد ولاءً ومحبة لهذه الدولة بكى تأثرًا وسرورًا بقناعة هذا الشعب بتلك القيم العظيمة.
وكان في هذه الأزمة أبًّا حانيًّا للجميع، يعبر عن ثقته بشعبه في سرعة اكتسابه العادات السليمة، ويوصيهم بالتخلي عن التبذير والإسراف والاستهلاك غير المسؤول، ويقول: «الموروث يحتاج إلى عمل»، ولما سمع ببعض المتأثرين من هذا الوباء من غير أبناء هذه الدولة، أنشأ لهم مدينة إنسانية، وجلبهم إلى أرض الوطن معززين مكرمين.
إن العقلاء من المسلمين والعرب والناس جميعًا يدينون لأبي خالد -هذا النهر القيمي الخالد- بكلمات ومواقف لازالت ملهمة لهم بقبسات من الإبداع والعطاء والحفظ للحرمات والمقدسات، وإن التاريخ لا يَنْسى، وسيسجل بمداد من النور ما أنجزه هذا القائد لشعبه وللإنسانية جمعاء، في شتى الميادين في التعليم والثقافة، وتوعية الشباب وحمايتهم من الأخطار المحدقة، وتوطيد العلاقات الدولية، وتوثيق عرى الأخوة الإنسانية، والوقوف في مجابهة الحاقدين والأعداء، فهو علامة فارقة في تاريخ الإنسانية، وأحد حكماء هذا العصر، وهو قمة في الأخلاق والتواضع، وسمو في الإنسانية، ومنارة في العلم والثقافة، ورؤية متقدة، وقدوة لكل الأجيال، نذر حياته لإسعاد هذا الوطن، فهو مدرسة فريدة حري بنا أن نتخرج فيها، وأن ننهل من معينها المعرفة، وأن نرتوي من نبع أفكارها، فكم من كلمة ورسالة اهتدينا بها في دياجير الظلام، وكم من موقف له كانت لنا فيه دروس وعبر، فهو الملهم لنا بعلمه وحنكته وخبرته وتوجيهاته النيرة، به اقتدى شباب الوطن فكان النجاح حليفهم، فهو القائد وربان سفينة وطن القيم التي من ركبها، فإنه سيسير إلى مرفأ الأمان، حماه الله وأطال في عمره وبارك في خطواته ومسيرته وأفعاله وأقواله، وإننا لنعاهد الله على السمع له والطاعة والدعاء.
تُروى محاسنُ لفظه وكأنَّها... دُرَرٌ وآراءٌ كمثلِ دَراري
ومآثرٌ قد خلِّدت فكأنَّها ... غُررٌ وعزمٌ مثل حدِّ غَرارِ
كاتب إماراتي