قلة قليلة نادرة، في التاريخ البشري، أولئك القادة العسكريون والسياسيون، الذين ولدوا ونشأوا في بيوت تفيض بالحكمة والرؤى السديدة والقيادة الرشيدة، وتعلموا منذ نعومة أظفارهم، في كل ساعة، عظم المسؤولية والواجب، وكيف يكون العزم والحزم في لحظة، بينما تكون الرأفة والتسامح في لحظة أخرى، وكيف توحد الأمة وتخدمها وتسهر على حمايتها، والتخطيط لمستقبلها، في الشؤون والمجالات كافة، دون استثناء، وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الدولة، رعاه الله، واحداً من هؤلاء القادة المتفردين، في نشأتهم وتعليمهم وتدريبهم وتهيئتهم للمهمات الكبرى، في بيت المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتحت ناظريه ومتابعته وحرصه الشديد، ليكون ولده محمد بن زايد، قائد مستقبل البلاد بعد مرحلتي التأسيس والتمكين.
بالنسبة لنا، كإماراتيين عموماً وعسكريين، لم يكن تعيين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الدولة، في يناير 1993، رئيساً لأركان القوات المسلحة الإماراتية، مفاجئاً على الإطلاق، بل كان اختيار الوالد المؤسس، رحمه الله، مبيناً على الخبرة الكبيرة التي اكتسبها سمو «بوخالد»، منذ تخرجه في أكاديمية ساند هيرست الملكية العسكرية عام 1979، والتدريب الذي تلقاه في الدروع والطيران (العمودي والتكتيكي) ودورات المظليين وغيرها، ثم قيادة فصيلة دروع وسرب طائرات عمودية وقيادة مدرسة الطيران والكلية الجوية، وكذلك بناءً على خبرته التي اكتسبها في منصبي قائد القوات الجوية والدفاع الجوي ونائب رئيس أركان القوات المسلحة، وكنا جميعاً نعلم أن هذا التاريخ العسكري الكبير، يستند بكل وضوح، على تاريخ سياسي واجتماعي، حصل منه سموه، في بيت الحكمة، وتوج في عام 2004 بتعيينه رئيساً فخرياً للجنة العليا المكلفة بتنسيق السياسات والبرامج والخطط الاقتصادية بين الإمارات، ورئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.
الثقة الغالية والثمينة التي جعلت أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد ينتخبون صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالإجماع رئيساً لدولة الإمارات، خلفاً للمغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، هو تأكيد ليس له مثيل، على حرصهم البالغ على الوفاء والعرفان للمبادئ التي مكنّها الرئيس الوالد الراحل، خليفة بن زايد، المستندة على القيم الأصيلة والنبيلة والمبادىء التي أرساها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منذ تأسيس الاتحاد عام 1971، والخطوات الثابتة خلال خمسين عاماً، والتي رسخت مكانة وسمعة وقوة دولة الإمارات على المستويات الخليجية والإقليمية والعربية والدولية كافة.
قائد مستقبل الإمارات، سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هو صاحب القوة الدافعة وراء السياسات الحديثة للدولة، فكان يرأس في الماضي بنفسه، معظم المفاوضات والاتفاقيات الكبرى المتعلقة بشؤون البلاد في قطاعات عدة، كالطاقة والدفاع والاستثمار والسياسة وغيرها، كذلك وضع سموه الرؤى الأساسية للمستقبل، التي استندت على تعزيز العلاقات الدولية لدولة الإمارات من خلال لقاءاته بقادة العالم ومشاركته في معظم الفعاليات الدولية، إضافة إلى رؤيته وخططه الثاقبة في تطوير القوات المسلحة الإماراتية من حيث التخطيط الاستراتيجي والتدريب والهيكل التنظيمي، وتعزيز دفاعات الدولة لتصبح واحدة من أهم المؤسسات العسكرية الدولية.
في مواقف لن ينساها التاريخ، اتضحت رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، رعاه الله، في القطاعات الحيوية كافة، كرؤية سموه في التعليم، الذي يعتبره الأساس في كل شيء، من خلال استثمار جميع الموارد المتاحة في التعليم وبناء الأجيال، وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، والاحتفال بتحميل آخر برميل نفط على متن سفينة في المستقبل، ورؤية سموه التي يشرف على تنفيذها بنفسه لتوطين التقنيات في دولة الإمارات، وتوفير الوظائف، والاهتمام بالصناعة والزراعة، وكذلك الرياضة والسياحة والثقافة، ولن ينسى التاريخ أبداً، يوم كان العالم كله يرتعد، أثناء جائحة «كورونا»، حين قال سمو «بوخالد» مقولته الشهيرة المطمئنة: «لا تشلون هم».
لا شك في أن العالم كله يدري رؤية ودور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تعزيز التسامح بين مختلف الأديان والمذاهب، ولتصبح الإمارات واحة للأمن والاستقرار والازدهار، ودور سموه الكبير في مكافحة التطرف والإرهاب، ورؤيته وخططه العميقة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة المستدامة يضمن مستقبلاً مزدهراً للأجيال القادمة.
من دون مجاملة، سأكشف سراً اكتشفته بنفسي حول صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، إنه القائد السياسي والعسكري الوحيد الذي قابلته من بين زعماء وقادة العالم، الذي يصغي بقلبه وعقله إلى متحدثه، ويتأمل قبل أن يجيب، إنها الحكمة التي ورثها سيدي الشيخ محمد بن زايد من والده القائد المؤسس، رحمه الله، وصقلها سموه وكرّسها ليدرك ما يحتاج إليه الإماراتيون جميعاً، ليصبحوا أفضل أمة، وما يحتاج إليه العالم كله اليوم، ليصبح أفضل.

لواء ركن طيار متقاعد