دخل الصومال عهداً جديداً بتسلم الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود السلطة، ليصبح عاشر رؤساء البلاد بعد فوزه في الانتخابات التي تجرى عبر تصويت نواب البرلمان على الرئيس السابق عبدالله فرماجو، ليصبح شيخ محمود رئيساً للمرة الثانية، حيث سبق له تولي الرئاسة ما بين الأعوام 2012 - 2017   التي اتسمت بالتوازن، حيث تمكن حينها من تحقيق التوافق السياسي ما بين مكونات المجتمع الصومالي ورؤساء المحافظات الفيدرالية، في ظل الضبابية التي سببها الدستور بين صلاحية الحكومة وصلاحية المحافظات الفيدرالية، ويعد شيخ محمود مؤسس الفيدرالية الصومالية التي قسّمت الصومال إلى محافظات فيدرالية، ولعب دوراً بارزاً في انحسار عمليات حركة «الشباب» الإرهابية، والتي تنتمي فكرياً لتنظيم «القاعدة»، حين استطاع تحرير 36 مدينة من قبضة حركة «الشباب».

أمام الرئيس شيخ محمود تحديات عديدة، أبرزها استعادة العلاقات الخارجية التي تدهورت في عهد النظام السابق، بسبب «تبعية المحاور» وغياب الرؤية السياسية التي أفقدت الصومال العلاقات مع عدة دول داعمة تاريخياً، ومن المتوقع أن تنتهج الدبلوماسية الصومالية الجديدة منهجاً مبنياً على تعزيز العلاقات مع كافة دول العالم، خصوصاً الدول التي ستساهم في تنمية الاقتصاد الصومالي، وستدعم الحرب على ميليشيات الإرهاب، وهو ما تعانيه الصومال في صراعها مع حركة «الشباب»، كما سيكون الملف الأمني والاستقرار الداخلي واحتواء كافة الأطراف السياسية من أصعب الملفات التي ستواجه الرئيس الجديد، بعد سنوات مرت بها الصومال في أزمات عديدة عبثت بالأمن والاستقرار، ما يفسر اختيار البرلمان لشخصية عرف عنها قدرتها على التوافق والتوازن السياسي.
عاش الصومال في السنوات الأخيرة توترات مسلحة بسبب إقصاء المعارضة، وتبين جلياً ضعف المؤسسة العسكرية، الأمر الذي مكّن حركة «الشباب» من ارتكاب أنشطتها التخريبية وسط وجنوب الصومال حتى الوصول إلى العاصمة مقديشو لتنفيذ العمليات الإرهابية الدموية، ما يتطلب في العهد الصومالي الجديد جهوداً كبيرة لإعادة هيكلة الجيش الصومالي، لحماية الأمن والاستقرار والدفاع عن الوطن، حيث لم يشارك الجيش منذ سنوات في أي مواجهات مع الميليشيات الإرهابية، وعليه تضاعفت وتيرة التفجيرات الدموية في البلاد.

قررت الولايات المتحدة إعادة نشر قوات أميركية في الصومال، حيث تعتقد إدارة بايدن أن الإدارة السابقة في عهد الرئيس ترامب، قد أخطأت في حساباتها عندما قررت سحب القوات، ما ساهم في تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، كما هي خطوة تعزز من سلطات الرئيس الحالي الذي يحظى بدعم من شخصيات فاعلة في المجتمع الصومالي القبلي والشخصيات السياسية، كما يملك علاقات جيدة مع المؤسسة العسكرية، ويملك علاقات فعالة مع الدول المحورية في المنطقة، جاءت تباشيرها الأولية حين وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بمساعدات إنسانية عاجلة إلى الصومال بقيمة 35 مليون درهم، والإمارات دولة تملك تاريخاً حافلاً في بناء الإنسان وتشييد البنيان، وهذا ما يحتاجه الصومال الشقيق.
إعلامية وكاتبة بحرينية