حبَا الله تعالى أرض الإمارات الطيّبة بنعم كثيرة، منها موارد الطاقة الأحفورية من نفط وغاز، التي شكّلت في مرحلة تأسيس الاتحاد وقوداً لتحريك عجلة الاقتصاد الحديث بقطاعاته المختلفة المزدهرة. كما أنعم سبحانه على هذه الدولة بقيادة طموحة حكيمة، قادت رؤيتُها البلادَ في مسيرة حضارية استثنائية، جعلت من الإمارات عنواناً للعيش الكريم والرخاء والازدهار، ودولة يُضرب بها المثل في العزيمة والنهضة والبناء والابتكار.
ودأبت القيادة الرشيدة للدولة على النظر أبعد من حاضرها، مستشرفة مستقبلاً أرحبَ ينعم فيه أهل الإمارات، من مواطنين ومقيمين، بالعيش الرغيد وبالأمان والرخاء في شتى نواحي حياتهم اليومية، فلم تركن إلى ريع النفط والاكتفاء به، بل سارعت منذ وقت مبكّر إلى التحضير لمرحلة «ما بعد النفط» والاستعداد لوداع آخِرِ قطرةٍ منه، فجعلت من الطاقة المتجددة والتنويع الاقتصادي ركيزتين أساسيتين في استراتيجية استعدادها للمستقبل.
وقد قطعت دولة الإمارات أشواطاً بعيدة ضِمن مساعيها لتنويع مصادرها الاقتصادية، حتى أصبحت القطاعات الاقتصادية غير النفطية هي المسهم الأكبر في الاقتصاد الإماراتي، بنسبة تتجاوز 72% من الناتج الوطني الخام، الذي يشهد عاماً بعد عام زيادات مطّردة جعلته ثاني أكبر اقتصادات العالم العربي وأكثرها حيوية ونشاطاً على الإطلاق. وتُركّز الإمارات، ضمن هذه الجهود، على قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا المتقدمة والفضاء والاقتصاد الأخضر، وهو ما سيتيح لها فرص نمو هائلة، تعزّز أكثر القطاعات الإنتاجية غير النفطية، وتدعم تحقيق أهداف «رؤية الخمسين».
ويعدُّ التنويع الاقتصادي أهمَّ لبنة لإنجاح استراتيجية الطاقة المستدامة التي تتبنّاها الإمارات، وهي الاستراتيجية التي من شأنها تعزيز وإنجاح الجهود الرامية إلى التخلّي عن مصادر الطاقة الأحفورية، من دون أن يكون لذلك تأثير سلبي في أداء القطاعات الاقتصادية الأخرى. وبالرغم من أنّ دولة الإمارات هي ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة «أوبك»، غير أن ذلك لم يمنعها من امتلاك ثلاث من أكبر محطات الطاقة النظيفة في العالم، وهي: محطات: براكة للطاقة النووية، ومحطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية، ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية. ويمثّل إعلان «مبادرة الحياد الكربوني بحلول عام 2050» أوضح التزام من الإمارات بنهج الاستدامة، من خلال استثمارات بقيمة 600 مليار درهم سترفع مساهمة الطاقة النظيفة ضِمن إجمالي ما تنتجه الدولة من الطاقة إلى 50%.
ولا شكّ في أن الإمارات، بفضل النهج الحكيم لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تمتلك الرؤية والإرادة والموارد الكفيلة بجعل الخمسين عاماً القادمة أكثر استدامة ورخاءً، وتجعل الإمارات هي الدولة رقم واحد في العالم.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية