كانت العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الأيام الماضية عاصمة العالم، حيث تَنادى إليها القادة من مختلف أصقاع المعمورة، لأداء واجب العزاء في رحيل الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله.
كل هؤلاء القادة استُقبلوا من طرف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد. ونظرة بسيطة على طريقة مقابلة الشيخ محمد لهم تكشف للملاحظ أنهم جميعهم يرتبطون بعلاقة وثيقة معه. من الواضح أن الرجل بذل جهدا ليكسب محبة هؤلاء وإعجابهم وهي صفة نادرة جدا في عموم البشر وخصوصا السياسيين.
هذه المحبة لا تقتصر على قادة العالم وشعب الإمارات فقط، بل تتجاوز ذلك لتشمل الجميع. صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد باختصار قائد محبوب يثق فيه الجميع.
مباشرة مع إعلان أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات عن انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة انقشع التوتر والحزن الذي كان يخيم على الجميع في الداخل.
السبب بسيط وهو الثقة الثابتة في نفوس الجميع داخل الدولة عند المواطن والمقيم في شخص الشيخ محمد بن زايد. كل الإماراتيين وغيرهم مطمئنون للميزات القيادية والشخصية للرجل، ويثقون جميعهم في قيادته، ويتفاءلون بسنوات حكمه.
من منهم ينسى الكلمة الشهيرة للشيخ محمد خلال بداية كورونا أن لا تخافوا ولا تحزنوا التي نطقها (لاتشلون هم) وكانت عهداً وفّى به سموه.
خلال الأيام الماضية كانت لي لقاءات مع بعض المقربين من الشيخ محمد بن زايد، وتابعت أحاديث البعض، وقرأت كتابات آخرين.
يجمع هؤلاء من موقع الخبرة والمعرفة دون ريب أن الشيخ محمد بن زايد ولد قائدا، حيث كان قد تدرب على القيادة منذ نعومة أظافره، كما يتفقون على أنه يملك أولويات وخططاً استراتيجية تضع في العنوان خدمة وأمن المواطن الإماراتي.
كما وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بأنه حامي الاتحاد، وهو ما يثبت أنه يبذل كل وقته في حماية وحدة وطنه.
من المميزات الشخصية الاستشرافية الأخرى التي تُحسب له في الميدان الخارجي أنه أول من انتبه لخطر الجماعات المتشددة وجماعات الإسلام السياسي وخطورة الفكر المتطرف على الأمة الإسلامية.
كما وقف خلف حرص دولة الإمارات في خطابها الخارجي على إبراز أهمية الحفاظ على السلم والسلام العالميين وترسيخ قيم التسامح والتعايش.
وقاد الشيخ محمد بن زايد جهوداً عالمية حثيثة للحد من خطر الإرهاب وتحجيم قوته، وأنشأ عدة مؤسسات ومراكز لمحاربة الفكر المتشدد والتطرف والعنف، من أهمها منتدى تعزيز السلم الذي يقوده الشيخ عبد الله بن بيه.
عن وعي قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد دعم الفكر الراشد المجسد للإسلام الصحيح الذي يحمله الشيخ عبد الله بن بيه، وعن عقل قرر تسخير جميع إمكانيات الدولة الإماراتية، من خلال دبلوماسيتها وغير ذلك لخدمة هذا الفكر المتنور. وهو ما تكفل بثورة حقيقية جعلت الغرب يتراجع عن وصم الدين الإسلامي بالإرهاب، وجميعنا يذكر استشهاد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بكلام الشيخ عبد الله «يجب أن نعلن الحرب على الحرب، لتكون النتيجة سلم على سلم»، وذلك من منبر الأمم المتحدة وأمام جميع قادة دول العالم.
صراحة الشيخ محمد بن زايد ووضعه النقاط على الحروف بعدٌ آخر من أبعاد شخصية قائد لا يوارب ولا يداهن، حيث يعرف بأنه يتحدث بصراحة وبوضوح مع جميع قادة العالم ولا يجامل في طرح الحقيقة.
ويذكر الرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما في كتابه «أرض الميعاد» بعض الصفات القيادية للشيخ محمد في المقتطف التالي: «تذكرت محادثة أجريتها مع محمد بن زايد، مباشرة بعد أن طالبت مبارك بالتنحي. شاب، محنك، وربما أذكى زعيم في الخليج، لم يُنمق الكلمات في وصف كيفية تلقي الأخبار في المنطقة».
محمد بن زايد قائد يفعل ما يقول وربما يكون ذلك هو سر ثقة العالم فيه.
ومن المؤكد أنه سيكون خير سند لزملائه القادة العرب، حيث ازدادوا وازدانوا بشخصية عظيمة تملك ثقة أغلب قادة العالم ما سيسهم في تمكين العمل العربي المشترك ويدعم الملفات الدولية العربية.
بل إن هناك أموراً اجتمعت فيه، ربما يكون أول قائد عربي يجمعها:
أولها أنه ينال قبولاً منقطع النظير من الجميع، وأن جميع الملفات التي سيتعامل معها كانت من أفكاره وقد قطع فيها أشواطاً كبيراً.
وثانيها أنه يستند إلى توافق واجماع داخلي من جميع شعبه، قَلّ أن يحصل عليه أي رئيس لحظة استلامه لدفة الحكم.
أما الثالث فهو صموده أمام أعتى هجمة إعلامية من طرف جماعات الإسلام السياسي وداعميهم .
هنيئا للشعب الاماراتي والشعوب العربية والإسلامية لتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئاسة دولة الإمارات، فهو باختصار رجل قل نظيره يحمل همّ الأمتين العربية والإسلامية، ويجمع بين صفات والده المغفور له الشيخ زايد النادرة في هذا الزمن، وصفات رجل زمانه في الحكم والحكامة الرشيدة.

*صحفي موريتاني