منذ قيام دولة الاتحاد والإمارات تحرص بشدة على تقديم المساعدات الخارجية إلى كل من يحتاج إليها على مدار الكرة الأرضية.
وربما تتعجب الكثير من شعوب الأرض عندما تسمع بأن 25 بالمئة من مداخيل دولة الإمارات العربية المتحدة المالية تذهب إلى المساعدات الخارجية التي تقدم لجميع دول العالم ذات الحاجة إليها، سواء كانت قريبة منها كأشقائها العرب أو بعيدة عنها في أقاصي الأرض ومن أية ملة كانت، فهذا هو مسلكنا وهذه هي أخلاقنا المنبعثة من قيمنا الأصيلة.
يقول المبدأ التاسع في نصه ما يلي: «المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات، هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً، ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة. والاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات».
ورغم أن المبدأ التاسع هذا يركز كثيراً على المساعدات الإنسانية الخارجية، إلا أن هذا النوع من المساعدات الخارجية، هو جزء بسيط مما تقدمه في بند مساعداتها الخارجية الشاملة التي طالت حتى الآن جميع دول العالم دون استثناء بما في ذلك العديد من الدول التي تصنف بأنها غنية ومتقدمة.
لذلك، فإن تقديم المساعدات للدول الأخرى، سواء كانت إنسانية في أوقات الكوارث والأزمات أم في الأحوال العادية على الصعد التنموية والاقتصادية لا ينبعث من فراغ أو تتأتى من العدم، بل هي اهتمام أخلاقي ووجداني متجذر للقضاء على الفقر والألم والمآسي حول العالم.
إن الملايين من البشر يولدون سنوياً في عالم من الفاقة والعوز والقلق النفسي والحرمان المادي والمعنوي، وهذه مُسلمة تيقنت منها دولة الإمارات وتضعها من ضمن اهتماماتها على مدى الخمسين عاماً القادمة.
هذا يجعلني أقول بأن دولة الإمارات مدركة بأن تبادل المصالح العادية من التجارة والأعمال الخاصة والاستثمارات لا يمكن لها أن تقوم بالواجب الإنساني بكامله، بل يحتاج إلى قيادات عالمية متحفزة لكي تدفع ببرامج المساعدات على شتى الصعد إلى الأمام لكي ترفع من شأن فقراء العالم ومحتاجيه ومنكوبيه ومتضرريه إلى الأعلى.
وربما يتم النظر من قبل بعض الأمم إلى المساعدات الإنسانية الخارجية بأنها ليست ذات عائد مادي من أي نوع، لكن دولة الإمارات من ضمن مبدئها التاسع للخمسين سنة القادمة تنظر إلى الأمر من زاوية أخرى أكثر عمقاً وإنسانية.
تنظر الإمارات إلى المساعدات الإنسانية الخارجية بأنها استثمار طويل الأمد لبناء نمط رشيد من العالم الذي تطمح إليه يخدم على البعيد مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية والاستراتيجية وربما الاجتماعية.
مثل هذا المنظور نادر الوجود لدى دول العالم الأخرى، وربما أن دولة الإمارات صارت تتميز به في مرحلتها التاريخية الراهنة وفي مسيرتها التنموية المباركة.
ما يلاحظ على مساعدات دولة الإمارات الخارجية، هو أنها تنأى بنفسها عن الذهاب باتجاه أي أمر يضر البشرية وتتجه بإصرار باتجاه الإغاثة الإنسانية في أوقات الطوارئ والأزمات والكوارث، وإلى دعم التنمية والقضايا الإنسانية والمساعدات التقنية وحماية البيئة وتطوير الاقتصاد ومكافحة الإرهاب.
ما تقدمه دولة الإمارات من مساعدات إلى كافة دول العالم، سواء كانت على الصعيد الإغاثي أو غيره من أوجه الدعم مقدر ومشكور لها، لكن كما يقول المثل بأن اليد الواحدة لا تصفق.
لذلك، فإن التعاون المثمر على هذا الصعيد مع مجلس التعاون الخليجي والدول العربية القادرة الأخرى أولاً أمر محمود، ومن ثم الارتقاء إلى ما هو أبعد من ذلك، فاليوم تقديم الدعم على الصعيد التنموي قائم بفعالية ونجاح من قبل المؤسسات المالية الكبرى متعددة العضوية الدولية بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمصارف الإقليمية ومن قبل عدد من دول العالم الغنية.
إن تشجيع ودعم الجهود العالمية لتقديم مختلف المساعدات لدول العالم النامي بشكل عام والدول العربية، التي هي في حاجة بشكل خاص يعزز من مساعي دولة الإمارات لدعم الإنسان في كل بقعة من بقاع الأرض.
وقيام دولة الإمارات بتعزيز التعاون مع هذه الجهات الداعمة للبشرية يعزز من مكانتها الدولية، ويجعل من المؤسسات الرسمية في الدول المحتاجة أكثر قدرة وكفاءة على أداء واجباتها تجاه مواطنيها وأوطانها. 

وعليه، فإن مبدأ تقديم المساعدات الإنسانية الخارجية الذي وضعته دولة الإمارات لنفسها لكي تمارسه وتسير على هدى منه هو مبدأ نبيل يستحق منا شعب الإمارات أن ندعمه ونعزز وضعه مبدءاً أساسياً لبلادنا.
* كاتب إماراتي