مع فشل الائتلاف الحكومي في إسرائيل، في تمديد تطبيق القانون على المستوطنين بالضفة الغربية برغم تصديق اللجنة الوزارية للتشريع، فإننا أمام فصل جديد في إطار احتمال انهيار الحكومة الراهنة واستمرارها في ظل تربص لافت من المعارضة الإسرائيلية التي يمثلها «ليكود»، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نتنياهو.

هذا القانون ينظم حياة المستوطنين اليهود، ويخضعهم للقوانين الإسرائيلية، حتى لا يكون الحكم عليهم عسكرياً مثل السكان الفلسطينيين في المنطقة «ج» من الضفة الغربية. وقد تم تشريعه لأول مرة عام 1967، ويتم تجديد القانون كل 5 سنوات. ويحتاجه المستوطنون لأنه يوفر لهم خدمات الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي ويرتب لهم أنظمة عمل.

ويعني انتهاء سريان القانون، أن محاكمات المستوطنين الذين يتهمون بارتكاب مخالفات جنائية، سينتقل إلى المحاكم العسكرية الإسرائيلية، مع قضاء عقوبتهم في الضفة الغربية. ومن المقرر أن تنتهي صلاحيته في نهاية يونيو الجاري، بعدما تأجل تمديده عدة مرات بسبب عدم توفر الأغلبية. وقد صوت لصالح القانون 52 نائبًا، فيما صوت ضده 58 من أصل 120 نائبًا عدد نواب الكنيست.

وبرغم أن إسرائيل لم تقم بضم الضفة الغربية رسميا، إلا أن قانون المستوطنين يضمن معاملة المستوطنين الذين يعيشون هناك كما لو أنهم يعيشون في إسرائيل في معظم الأمور. الخطورة أنه قد يشكل سقوط القانون الذي تقدم به وزير العدل جدعون ساعر رئيس حزب «أمل جديد» (يمين/ 6 مقاعد)، مسمارًا جديدًا في نعش الائتلاف الحكومي الهش حيث إن كل أنماط الحياة الخاصة بالمستوطنين في الضفة الغربية تعتمد على هذا التشريع بكل بنوده المهمة

.وقد تحركت المعارضة في إطار ما يجري، وتعهدت بعدم التصويت لصالح أي مشروع قانون يطرحه الائتلاف، بسقوط قانون المستوطنين.فيما قال رئيس الحكومة البديل وزير الخارجية، يائير لبيد، إن كتل الائتلاف ستطرح القانون مجدداً أمام الكنيست، وإنه يأمل من الأحزاب الشريكة في الائتلاف، تحمل مسؤوليتها. وقد أثار توجه رئيس الوزراء بنيت وشريكه في الائتلاف يائير لبيد تحفظات داخل القائمة الموحدة، إذ إن سبب فشل الحكومة، ليس فقط عدم تصويت النواب العرب، فقد تغيب عن جلسة التصويت أيضاً، رئيس الكنيست، ميكي ليفي، وهو من حزب لبيد. وصوتت ضد القانون النائبة عيديت سيلمان، المحسوبة على حزب بنيت، وبالأساس المعارضة اليمينية التي تؤيد الاستيطان. وكان واضحاً لقيادات الائتلاف، عند طرحه، أنه لا توجد للقانون أكثرية مؤيدة.

وفي المجمل إذا لم يتم التوصل إلى حل على المستوى السياسي، فإن ذلك سيعزل المستوطنات عن إسرائيل، والحياة فيها ستُنظم من خلال القائد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية. واقعيا يمكن للائتلاف إعادة طرح مشروع القانون للتصويت عليه بصورة دورية قبل أن تنتهي صلاحيته، وإذا تم حل الحكومة قبل ذلك الوقت لأسباب أخري، أو من خلال احتمالات استقالة نائب من الكنيست، أو تجميد عضويته فسيتم تمديد مشروع القانون تلقائيا حتى يتمكن ائتلاف جديد من التصويت عليه.

وقد تزامن ما جري في الكنيست بشأن القانون صدور استطلاع حديث أكد على أن كتلة رئيس الوزراء السابق نتنياهو ستفوز ب 59 مقعد لو أجريت الانتخابات اليوم، مما يضعها بالقرب من الأغلبية في الكنيست المكون من 120 مقعدا، لكنه أشار إلى مزيد من الجمود السياسي إذا انهارت الحكومة الحالية خاصة أن إسرائيل مرت بأربع انتخابات منذ عام 2019 حيث تنافست الكتل المتعارضة لتشكيل أغلبية قوية في الكنيست. وفي المقابل أكدت قيادات الائتلاف أن الحكومة، المكونة من ثمانية أحزاب مختلفة أيديولوجيا وفكريا ستستمر، حيث بإمكان التحالف تقديم نسخة معدلة من التشريع الخاص بالمستوطنين، ولكن ربما كان أكثر ما يثير قلق الائتلاف أن مشروع القانون كان بمثابة اختبار لرغبة التحالف في الاستمرار على الرغم من توافر التأكيدات بأن وزير العدل جدعون ساعر يُجري محادثات مع الليكود لتشكيل حكومة بديلة، دون الذهاب إلى الانتخابات، وهو ما يؤكد أن الساحة الحزبية الإسرائيلية ما تزال ستواجه مزيدا من حالة عدم الاستقرار والانقسام.

* أكاديمي متخصص في الشؤون الاستراتيجية والعلوم السياسية.