تولي الإمارات ملف المناخ أهمية بالغة، عكسته جهودها وما حققته في هذا المجال، بدءاً من التشريعات، مروراً بإنشاء المحميات، وانتهاء بالحفاظ على الطيور والحيوانات المهددة بالانقراض وإكثارها وإعادة توطينها في مناطق انتشارها الطبيعي، وهي تواصل دورها في هذه القضية، مقدمة نموذجاً يحتذى به للعمل والتعاون لضمان مستقبل أفضل للبشرية. وفي 5 يونيو احتفلت الإمارات بيوم البيئة العالمي، مؤكدة على دورها الريادي في تبني وتعزيز مفهوم الاستدامة ودعم الجهود العالمية في هذا المجال.

وفد الدولة المشارك في الدورة الـ56 لاجتماعات الجهازين الفرعيين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في بون قبل أيام، أعلن أن العمل المناخي الفعّال يعزز الاستقرار ويخلق فرصاً جديدة للنمو والازدهار الاقتصادي منخفض الانبعاثات، كما جدد التزام الإمارات بتحفيز وقيادة عمل جماعي شامل فاعل من أجل المناخ عالمياً.

أما في شهر مايو الماضي؛ فقد سجّلت الإمارات حضوراً مهماً في الاجتماع الوزاري للمناخ الذي انعقد في كوبنهاغن، وقدمت خارطة طريق شاملة للتعامل مع تحديات التغير المناخي وتداعياته على مستقبل البشرية وكوكب الأرض. وفي هذا الإطار يأتي الإعلان عن مبادرتها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 علامة فارقة في مسيرة تمتد على مدار عقود، مع رؤية استراتيجية لثلاثة عقود مقبلة. وهذه المبادرة تمثل محركاً وطنياً يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي، لتكون الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن تبني تحقيق هذا الهدف.

كان للإمارات وما يزال شرف السبق عربياً وإقليمياً في مجال حماية البيئة، فهي تبذل جهوداً استثنائية لبناء مستقبل مستدام يراعي توازن متطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي واستحقاقات صون البيئة، وذلك عبر وضع تشريعات وتنفيذ سياسات وإستراتيجيات وخطط وبرامج إيماناً منها بأن ذلك سيؤثر إيجاباً على النمو الاقتصادي، ويحقق تنمية مستدامة.

ولو أن دول العالم حذت أو ستحذو حذو الإمارات في الاهتمام بقضية البيئة وحماية الكوكب، لكفل ذلك مستقبلاً إيجابياً للأرض، وذلك من جهة استخدام الطاقة النظيفة، وتحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية.

وقد استثمرت الإمارات في هذا القطاع فعلياً ما يقدر بـ 600 مليار درهم لضمان تلبية الطلب على الطاقة، ورفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، وفي الوقت نفسه رفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، وتوفير ما يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة.

في ظل الارتفاع المستمر الذي تسجله انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، ووصولها إلى مستويات قياسية في الغلاف الجوي؛ فإن الحقيقة الصادمة التي لا يمكن تجميلها هي أن العالم أصبح عند نقطة الغليان وفق بحث أعده (معهد ستوكهولم للبيئة)، وفيه تم التحذير من تكرار الكوارث المرتبطة بالمناخ، ومن ازدياد الوضع سوءاً.

أزمة المناخ تتجلى في الكثير من الكوارث التي تحدث مراراً وتكراراً، كما في الهند وبنجلاديش وأستراليا وغابات الأمازون والمكسيك، حيث سجلت الحرارة في تلك الدول مؤخراً 51 درجة مئوية، وهو مؤشر على أن إمكانية حدوث ذلك سيكون أكثر بـ100 مرة من الماضي. لا نملك سوى هذا الكوكب، وليس لدينا سوى هذه الأرض، وعلى الجميع دولاً وأفراداً تحمّل مسؤولياتهم لحماية البيئة والمحافظة عليها، ولضمان عالم أكثر استدامة للأجيال القادمة.