«لم يكن لدينا ما يرفع الرأس أمام العالم، خبرة الأمم عن منطقتنا لم تكن جيدة، حتى جاء نموذج دولة الإمارات»، هذه جملة قالها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في محاضرةٍ له. وهي جملة بالغة الدلالة عن طبيعة العلاقة بين منطقتنا العربية والغرب بشكلٍ محدد. الدول تنمو وتتأسس على جناحين هما التنمية، والمعرفة. من دون هذين العنصرين تصبح الدول خاوية وفاشلة.

لنعدد الدول المنهارة والمنكوبة من حولنا سنعثر على أرقام مخيفة بنسب انهيار التعليم، وضعف الطبابة، وانتشار الفساد. بينما الإمارات تفوز عبر مبدعيها في منافسات الرياضيات والعلوم الطبيعية.

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد علّق على انتخاب ابن الإمارات المهندس عمران شرف «مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ»، رئيساً للجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي «كوبوس»، قائلاً:«إن مهمة الإمارات لاستكشاف القمر.. تؤكد أننا نسير بخطى واثقة نحو الأمام في مجال الفضاء، وأن الإنجاز التاريخي بإرسال «مسبار الأمل» إلى المريخ لن يكون الإنجاز الإماراتي الوحيد أو الأخير، لأن طموحاتنا في هذا المجال ليس لها حدود». الآن نحن أمام نموذج لدول الخليج، التنمية العالية، والدول الناجحة، والتنمية الصاعدة، والرؤى الثاقبة، وبخاصةٍ في السعودية والإمارات، ثمة نجاحات متتالية، ولم تبنَ على عواهنها، وإنما أُسس لها عبر مؤسسات ونظريات وأفكار.

ثمة فرق كبير بين الدول التي تبنى على رؤى، والأخرى التي تبنى على أيديولوجيات وخطابات. بل إن خطابات وأقوال حكام هذه الدول تبحث عنها برأس الدبوس من ندرتها، بينما الدول التي بناها الأيديولوجيون تعثر على عشرات الخطابات الثورية والحماسية لهم من دون أي مردود يذكر، بل إن الأثر الدموي والكارثي يعصف بشعوب تلك الدول حتى اليوم.

قدمت الإمارات للعالم نموذجها عبر مسؤولين استثنائيين، يلتقون الشباب، ويتفاعلون مع طموحاتهم، وينصتون إلى همومهم، من ذلك لقاء معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، في مركز أبوظبي للشباب مع 80 فناناً إمارتياً في مهرجان «سميثسونيان» للفنون الشعبية ويعتبر أحد أبرز الأحداث الفنية والثقافية على مستوى العالم الذي يتم تنظيمه سنوياً في العاصمة الأميركية واشنطن.

قالت معالي نورة الكعبي في لقائها معهم:«إن الفنون بمختلف أشكالها امتدادٌ لحضارة الشعوب، والفنّ أسمى أشكال التعبير الإنساني وحضور الإبداعات الإماراتية بأشكالها وتجلّياتها المختلفة يعدّ فرصة لتوسعة نطاق التعاون مع مختلف الجهات، والمؤسسات العالمية، ويسهم في إخراج الفنون الإماراتية والخليجية والعربية على حدّ سواء من حيّز الصورة النمطية، ويجسّد القيمة الحقيقية للتجارب الإبداعية التي تشكّل حلقة وصل جوهرية بين مختلف الشعوب والحضارات الإنسانية،فالشعوب تُعرف بمبدعيها، وتقاس حضارتها بمدى ارتباطهم بمكنونات، هويّتهم الوطنية الأصيلة».

لقد كان همّ صاحب السمو رئيس الدولة منذ عقود أن يقضي على السمعة السيئة التي ألصقت بمجتمعاتنا بسبب الأفعال الرهيبة التي قام بها قلة من المسلمين، وبقي شغوفاً بتأسيس أجيالٍ من الإماراتيين المتعلمين الذين يُغيرون صورة العرب والمسلمين.

والآن يرى حصاد مازرعه، ويطالع ثمرة تلك النظرة الثاقبة التي كنا جميعاً من المغتبطين بها، والمؤمنين بها، والمدافعين عنها، من مسبار الأمل لاستكشاف المريخ، إلى اكتشاف القمر، فضلاً عن عشرات الإنجازات لبنات وشباب الإمارات المهتمين بالمعرفة والتنمية، ذلك جزء من قصة النهضة العالية.

* كاتب سعودي