بالرغم أن الحرب في أوكرانيا كان المقصود منها أساساً استنزاف فلاديمير بوتين وتحجيم روسيا، إلا أنه مع استمرار الحرب وارتفاع الأسعار، انقسم الأوروبيون حول كيفية إنهاء حرب أوكرانيا، وبالرغم أن غالبية الأوروبيين متحدون إلى حد كبير في دعم أوكرانيا، لكنهم منقسمون حول المدة التي يرغبون في تحمل التداعيات الاقتصادية للصراع.

تشير استطلاعات الرأي والتي شملت عشر دول أوروبية، إلى أن الاهتمام قد تحول من الحرب إلى المخاوف من تداعياتها، لا سيما ارتفاع تكاليف المعيشة. يقول محللون إنه سيتعين على الحكومات الأوروبية التعامل مع هذه المخاوف في الوقت الذي تسعى فيه لمواصلة الضغط على موسكو.

فهناك أكثر من ثلث الذين شملهم الاستطلاع يريدون إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، حتى على حساب التنازلات الإقليمية الأوكرانية، في حين قال 22% إنه يجب استمرارها طالما أن الأمر يتطلب معاقبة روسيا واستعادة كل أراضي أوكرانيا. ومن هنا نجد انقساماً في الرأي العام الأوروبي، فهناك من يفضل «السلام» حتى لو تضمن ذلك تنازلات من أوكرانيا، وهناك من يعتبر «العدالة» أولوية حتى لو كان ذلك يعني صراعاً طويل الأمد، كما أن خمس من شملهم استطلاع الرأي يتأرجحون بين الاثنين والباقي لا يعرفون ما يريدون.

لكن التقارير تشير إلى أن الرأي العام ممكن أن يتغير في حال زيادة الأسعار والتضخم، وخاصة إذا شعر الأوروبيون أن العقوبات على روسيا لم تجد نفعاً أو تحقق نتائج ملموسة، فاقتصادات الدول لم تتعافى بعد من جائحة فيروس كورونا. وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة ارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلى القلق من خطر التصعيد النووي. فكل ذلك سيزيد الانقسام بين الأوروبيين ويزيد المطالبة بإنهاء الحرب بسرعة.

تزايد القلق بين الأوروبيين مع احتمال نشوب صراع طويل الأمد في شرق أوكرانيا، ومع الإنهاك من الحرب إلى جانب الارتفاع الشديد في أسعار المواد الغذائية وفواتير الطاقة، يمكن أن يؤثر ذلك على الإرادة السياسية للدول الأوروبية بمواصلة الضغط على موسكو مع مرور الوقت. وقد حذر عضو بلجيكي في البرلمان الأوروبي أن الرد على العدوان الروسي قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة وفقر الطاقة.

وفي هذا السياق ذكر الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في جامعة نوتنغهام في إنجلترا، تايلر كوسترا: «يتعين علينا أن نتذكر إلى أي مدى لا نريد حرباً في أوروبا... لا يوجد خيار واحد يربح فيه الجميع، إنها سلسلة من المقايضات المؤسفة. لهذا السبب نحتاج إلى إنهاء هذه الحرب».

وإذا كان هذا حال الأوروبيين وبالرغم من اندفاعهم لمواجهة بوتين إلا أن المصالح والاقتصاد لهما الفيصل الأخير في تحديد المواقف، لذلك يتعين على دول الخليج أن تراعي مصالحها في هذه الأزمة الأوكرانية.

* باحثة سعودية في الإعلام السياسي