يُعد مشروع قانون «سلامة السلاح» الذي أصدرته مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، مؤخراً، تشريعاً متواضعاً، إذ إنه لا يشمل البنودَ الرئيسيةَ التي دفع بها «الديمقراطيون» وجماعات مراقبة الأسلحة، مثل حظر الأسلحة الهجومية ومخزن الذخيرة عالي السعة. لكنه مع ذلك يظل جهداً كبيراً في الكونجرس حيث يسود الجمود في كثير من الأحيان.

إذا تم تمرير مشروع القانون هذا، يمكن لكل من «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» جذب الناخبين هذا الخريف من خلال الإشارة إلى الإجراء الذي تم اتخاذه عقب أسوأ حادث إطلاق نار شهدته مدرسة خلال عقد من الزمن، على عكس المشاحنات السياسية والاهتمام المتلاشي تدريجياً الذي أعقب عمليات إطلاق النار في المدارس الأخرى في الولايات المتحدة. وقد وصف الخبراء مشروع القانون باعتباره أهم خطوة اتخذها الكونجرس منذ عقود لإصلاح أو تعديل قوانين الأسلحة في البلاد.

وقالوا إنه يوضّح كيف يمكن للجهود المستمرة الساعية للدفع، ولو بتغييرٍ سياسيٍ محدودٍ، أن تُؤتي ثمارَها. يقول نيك سوبلينا، نائب الرئيس الأول للقانون والسياسة بمنظمة «إيفري تاون فور جن سيفتي» (Everytown for Gun Safety): «لقد استغرق إعداد هذه الخطوة 26 عاماً، وهي خطوة ذات مغزى حقيقي فيما يتعلق بإنهاء فترة التقاعس التي كلّفت الكثير من الأرواح».

وكما أوضح المشرعون في مسودة مشروع القانون، فإن قانون المجتمعات الأكثر أماناً الجديد، المدعوم من الحزبين، يركز على الأسلحة في حد ذاتها أقل من تركيزه على العوامل البشرية التي تتعامل مع اقتناء الأسلحة وحيازتها. ويرجع ذلك إلى أن التحركات من أجل إحكام سيطرة القانون بشكل أكبر على معدات الأسلحة لا تكاد تكون قادرةً على تمريرها في مجلس الشيوخ الحالي المنقسم بشكل كبير.

لكن في أعقاب مأساة أوفالدي، يبدو أن النهج الأكثر محدوديةً، الذي صاغته مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، قادر على جذب أصوات الجمهوريين العشرة، والتي من شأنها أن تمكّنه من التغلب على التعطيل. في تصويت أولي ليلة الثلاثاء، صوّت 14 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين للسماح بمناقشة مشروع القانون.

يقول السيناتور جون كورنين (جمهوري من تكساس)، رئيس مجموعة تتألف من الحزبين: «نحن نعلم أنه لا يوجد تشريع مثالي. نحن بشر غير كاملين. لكن علينا أن نحاول. وأعتقد أن مشروع القانون هذا خطوة في الاتجاه الصحيح». تتبع الأحكام الرئيسية لمشروع القانون بدقة الخطوط العريضة للمقترحات التي صدرت في وقت سابق من شهر يونيو 2022.

وسيعزز التشريعُ المقترح عمليات التحقق من خلفية المشترين المحتملين للأسلحة النارية ممن تقل أعمارهم عن 21 عاماً، ومنح المسؤولين 10 أيام لمراجعة سجلات الصحة العقلية لمشتري السلاح. كما ستوفر ملايين الدولارات للولايات لمساعدتها على دفع تكاليف برامج الحماية من الأزمات، مثل أوامر الحماية من المخاطر الشديدة، التي يطلق عليها غالباً قوانين «العلم الأحمر»، والتي تسمح لسلطات إنفاذ القانون بنزع مؤقت لأسلحة الأشخاص الذين يشكلون خطراً على أنفسهم أو على الآخرين.

وقد وافق أعضاء مجلس الشيوخ على توجيه ملايين من أموال دافعي الضرائب إلى موارد الصحة العقلية للمدارس والمجتمعات، وتعزيز الأمن المدرسي. كما شددوا العقوبات على الأشخاص المدانين بشراء سلاح بطريقة غير مشروعة لشخص ممنوع من امتلاك أسلحة نارية. وقال السناتور روي بلانت (جمهوري من ميسوري)، وهو عضو في المجموعة المكونة من الحزبين: «كان التصويت جزءاً من اعتقاد واسع الانتشار بأننا نحتاج حقاً إلى فعل ما يمكننا القيام به. وكان هناك اهتمام كبير من كلا الجانبين، وفي البيت الأبيض، لتحقيق ذلك».

ويرى دانييل ويبستر، مدير مركز جونز هوبكنز لحلول عنف السلاح، أن قوانين العلم الأحمر يمكن أن تمنع ليس فقط إطلاق النار على الآخرين، ولكن أيضاً حالات الانتحار. كان التأثير سيكون أكبر إذا قاموا بتوسيع عمليات فحص الخلفية لتشمل جميع مبيعات الأسلحة النارية الخاصة، وفرض المزيد من الحظر الشامل لملكية الأسلحة من قبل من تقل أعمارهم عن 21 عاماً، وفقاً للدكتور ويبستر.

من غير المحتمل أن يواجه أي من أعضاء مجلس الشيوخ العشرة الجمهوريين الذين وقعوا على قانون المجتمعات الأكثر أماناً المدعوم من الحزبين، معارضةً من الناخبين المحافظين. أربعة منهم متقاعدون: السناتور بلانت، وروب بورتمان (أوهايو)، وريتشارد بور (نورث كارولينا)، وباتريك تومي (بنسلفانيا). الستة الآخرون ليسوا مرشحين لإعادة انتخابهم في عام 2022. وقد صوّت زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، لصالح مشروع القانون، واصفاً إياه بأنه «حزمة منطقية من الخطوات الشعبية».

ويقول زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن «هناك حاجة ماسة» لهذا التشريع، وهو يتوقع إقرارَه بحلول نهاية الأسبوع الجاري. وينم هذا عن أنه في أعقاب حادث أوفالدي، بات منع العنف باستخدام الأسلحة النارية أمراً مهماً من الناحية السياسية، بحسب ما قال سوبلينا. ويضيف أن «الأميركيين يطالبون باتخاذ إجراءات بشأن هذه القضية».

ومن جانبه، يشير ديفيد برادي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، إلى أن مشروع القانون لن يحل مشكلةَ عنف السلاح في أميركا. كما يقول إنه لبعض الوقت لم يكن الكونجرس قادراً على فعل أي شيء بشأن الأسلحة، على الرغم من الشعبية النسبية للعديد من تدابير مراقبة الأسلحة. لذا فإن هذه الخطوة قد تكون مهمةً، لأن القيام بشيء ما أفضل من عدم اتخاذ أي إجراء، ولأنها يمكن أن تُظهر أن مجموعات ضغط السلاح ليست كلها قوية، على أي حال. ويضيف: «لذلك فإنه على المدى الطويل، يبدو لي ذلك كخطوة أولى نحو التشريع الذي سيفعل المزيد».

*مدير مكتب صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في واشنطن .

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»