كل عام وأنتم بألف خير، ولحجاج بيته الحرام، تقبل الله حجكم وسعيكم. شخصياً اعتقدت أن مشروع (مفكرو الإمارات) فكرة قد لا ترى النور، ربما لأنني إنسان نزق لا يجيد الانتظار، أو ربما لأنني عبر مسيرتي الكتابية في مجالي الرأي والحضور الإعلامي، قد استمعت لأفكار كثيرة ومشاريع أكثر. لذلك قَصرت في متابعة المشروع إلى أن فوجئت عند تصفحي الموقع الإلكتروني لصحيفة «الاتحاد»، بوجود مجموعة مقالات في زاوية خاصة ضمن صفحة «وجهات نظر» لكتاب إماراتيين، ضمن مشروع «مفكرو الإمارات» الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، والذي أعلن عن إنطلاقاته في إكسبو2020 دبي.

ولدى مطالعتي هذه المقالات، وجدتها مقالات غير تقليدية ومتجددة، وتتجه في حيوية تحاكي العقل بمنطق علمي سلس لا عاطفي، وتتناول قضايا راهنة علمية وتقنية واجتماعية، تقدم رؤية واضحة للقارئ. وتبين لي أن المشاركين من الخبراء في مشروع «مفكرو الإمارات» يقدمون مساهمات شهرية في صحيفة «الاتحاد»، بما يضمن تزويد القراء بوجبة معرفية متنوعة. ولم يقتصر المشروع على ذلك، بل هناك نماذج مماثلة مثل «أثير معرفة» وهو بودكاست قصير يتناول موضوعا سياسياً أو اقتصادياً بشكل موجز ومكثف، إلا أنه يأتي في إطار لغوي مباشر، يبتعد فيه مقدم الفكرة (البودكاست) عن مصطلحات الاختصاص لإيصال المعلومة لأوسع قطاع ممكن من المستمعين.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي إطار المشروع توجد ورش نقاشية وندوات يشارك فيها خبراء وأكاديميون إماراتيون، وتوجد أيضاً مساهمات عبر مقاطع فيديو قصيرة تحت بند «بصمة معرفة». قبل أشهر عدة أثار اهتمامي برنامج «المغرد» على شاشة «قناة الإمارات»، والبرنامج من تقديم الإعلامي الإماراتي عامر بن جساس، وله من حظ اسمه الكثير. فبرنامج المغرد مثل جذوة أشفقت عليها من الانطفاء؛ لما حواه من شجاعة إعلامية، وفكرة غير مسبوقة في ربط الإعلام المرئي بالفضاء الافتراضي عبر شخوص معلومة لا مبهمة.

قناعتي الشخصية هي أن الإعلام مرآة لثقافة الدولة لا صناعتها، وبقدر تواجد صُناع إعلام (محترفين) ممسكين بدفة الإعلام، فإننا سنرى المزيد من الإبداع في شتى المجالات. فكُتاب الرأي ممن قرأت لهم يجب أن يكون لهم حضورهم الإعلامي لتمثيل رأي الاختصاص. وعلينا ألا نخشى التعثر، لأن من لا يخطئ لا يتعلم، والإمارات اليوم نموذج متقدم بين الدول، وأتمنى أن يستمر الإعلام الإماراتي في محاكاة نموذج الدولة والبناء على ما تقدم من نماذج، والذي سيمثل أنموذجاً نوعياً في مجال مسؤولية الإعلام الوطني.

يحضرني أول لقاء مع إدارة التحرير في صحيفة «الاتحاد»، وأذكر جيداً جملة جميلة حينها: «نحن مقبلون على إطلاق هوية جديدة للجريدة». بدأت الكتابة في الصحيفة بعدها بفترة وجيزة، وتعمقت علاقتي بالإعلام الإماراتي. واليوم، وأنا استعرض بعض مكونات مشروع «مفكرو الإمارات»، أجده بالتأكيد انطلاقة جديدة لعموم الإعلام الإماراتي بهوية تناسب مشروع الدولة. كل عام والإمارات بخير.

* كاتب بحريني.