يُلقى 236 ألف إنسان حتفهم سنوياً غرقا، ولذا يحتل الموت غرقاً مكانة متقدمة ضمن أهم عشرة أسباب للوفيات بين الأطفال والمراهقين والشباب، في الفئة العمرية من عام واحد إلى 24 عاماً. وتظهر البيانات والإحصاءات أن 90 في المئة من حالات الموت غرقاً تحدث في الأنهار، والبحيرات، والآبار، وأماكن تخزين المياه، كالخزانات المستخدمة للشرب أو للزراعة وسقي الحيوانات. وتقع غالبية حالات الغرق في الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، وخصوصا المناطق الريفية، حيث يشكل الأطفال والمراهقين السواد الأعظم من الضحايا.

وأمام هذا الوضع، صدر في أبريل من العام الماضي، قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتخصيص يوم من أجل  مجابهة هذه المشكلة، والتوعية بالإجراءات الكفيلة بالوقاية منها، ليتأسس بذلك اليوم العالمي لمنع الموت غرقا (World Drowning Prevention Day) والذي يحل كل عام في الخامس والعشرين من شهر يوليو. وتهدف الفعاليات والأنشطة المصاحبة لهذا اليوم، والتي تقام برعاية ومشاركة الحكومات والأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والجامعات والمراكز الأكاديمية، إلى إلقاء الضوء على حجم هذه المأساة وفداحة التبعات للموت غرقا على العائلات وعلى المجتمع ككل، والخروج بتوصيات وتدابير يمكنها أن تمنع هذه الوفيات. 

ومن ضمن الإجراءات والتدابير التي تظهر الدراسات والأبحاث فعاليتها في تجنب الغرق؛ تعليم الأطفال أساسيات السباحة منذ سنوات الدراسة الأولى، وما يعرف بالأمن المائي، أو السلوكيات الآمنة حول أماكن تجمع المياه العميقة، بالإضافة إلى مهارات الإنقاذ الأساسية للمراهقين. حيث كثيرا ما يتعرض المراهقون للغرق في ظل وجود أصدقائهم وأقرانهم، وإذا كانوا على دراية بأساسيات مهارات الإنقاذ، فيمكنهم حينها أن يمدوا يد العون لمن يتعرض للغرق. وهو ما يمكن توسيع نطاقه ومداه، وخصوصا على صعيد مهارات الإنعاش الطبي، ليمتد إلى بقية أفراد المجتمع من البالغين، الذين كثيرا ما يتواجدون حول أو قرب حوادث الغرق. وبما أن معدلات الغرق تبلغ أقصاها في الفئة العمرية الممتدة من عمر عام واحد إلى أربعة أعوام، تتطلب هذه الفئة إجراءات خاصة. مثل عدم ترك الأطفال داخل أحواض الاستحمام الموجودة في المنازل دون رقابة، حيث يحتمل أن يمتلئ حوض الاستحمام، ويغرق فيه الطفل صغير السن. وهو ما ينطبق أيضا على المنازل التي يوجد بها حمامات سباحة كبيرة، والتي يفضل أن تحاط بحواجز مانعة للأطفال، أو أن تجهز بأجهزة إنذار خاصة إذا ما سقط فيها الطفل. كما يعتبر تطبيق تشريعات الأمن المائي في القوارب، والسفن، واليخوت الخاصة، وبقية وسائل النقل المائي بجميع أنواعها، من الإجراءات التي يجب الالتزام بها حرفيا، لحماية العشرات، والمئات أحيانا، من الموت غرقا.
كاتب متخصص في الشؤون العلمية والطبية