الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط في العالم - وليس روسيا أو السعودية- ونحن بحاجة إلى العمل بسرعة لتحقيق التناعم بين ثلاث أولويات. ففي الأمد القصير، نحتاج إلى إنتاج المزيد من النفط والغاز باستخدام أنظف التقنيات وبأقل تسرب للميثان، لخفض أسعار بيع الوقود للمستهلك والمساعدة في كبح التضخم.

وفي الأمد القصير أيضاً، يتعين علينا إنتاج المزيد من النفط والغاز للتصدير إلى حلفائنا في «الناتو» بأوروبا الذين تعهدوا بالتخلي عن النفط الروسي. وهذا لأن الأوروبيين إذا التزموا بتعهدهم دون بديل، قد يرتفع سعر النفط العالمي إلى 200 دولار للبرميل هذا الشتاء وقد يضطرون مواطنيهم على الاختيار بين التدفئة وتوفير الطعام.

والأهم من ذلك، على المدى القصير والطويل، يتعين علينا إنتاج أكبر قدر ممكن من الطاقة المتجددة وبكفاءة للمساعدة في التخفيف من حدة تغير المناخ، الذي زاد درجات الحرارة بشدة حول العالم هذا الشهر، من بين ظواهر مناخية غريبة ومخيفة أخرى. وبعبارة أخرى، يتعين علينا وضع استراتيجية للانتقال الأخضر. فلا يمكننا التخلص من الوقود الأحفوري بضغطة زر. صحيح أنني أود هذا، لكن ببساطة لا توجد مصادر متجددة كافية حتى الآن ولا حتى في وقت قريب لبلوغ هذا الأمل. لكن يتعين حدوث هذا الانتقال. وهذا يعني أنه يتعين علينا التشجيع على إنتاج المزيد من النفط والغاز اليوم لكن باتباع وسائل أنظف.

كما يتعين أيضا علينا- وبالسرعة والنطاق نفسيهما بقدر المستطاع- اتباع سياسات تسرع بشكل كبير بإنتاج طاقة من الموارد المتجددة بوفرة وبكلفة ميسورة مع وضع أنظمة موفرة للطاقة لتحل محل الوقود الأحفوري. ولذا كان يجب على بايدن، جمع أكبر منتجي النفط المحليين في أميركا في غرفة مع كبار خبراء البيئة والطاقة وألا يتركهم يغادرون حتى يتفقوا على استراتيجية. ويكون هدف هذه الاستراتيجية تحقيق أنظف إنتاج ممكن من النفط والغاز الأميركيين، مع فرض أذكى ضريبة للكربون، واتباع أذكى تدابير للحفاظ على الطاقة. وأيضا اتباع أكثر الخطط واقعية لفصل الكربون، مع خطة أكثر مصداقية لتوسيع محفظة الطاقة المتجددة لدينا على نطاق واسع وبسرعة.

وللمساعدة في بدء مناقشة «خطة بايدن للانتقال الأخضر»، تواصلت مع «رايان لانس»، الرئيس التنفيذي لشركة كونوكوفيليبس. ويقود لانس واحدة من أكبر شركات النفط والغاز في العالم وهو شخص رأيت فيه دوماً محاوراً حصيفاً في مجال الطاقة. وأردت معرفة إلى أي مدى يمكن تحقيق مثل هذه الصفقة. وأرسل لانس إجاباته عبر البريد الإلكتروني وقمت أنا بتحريرها هنا لتكون أوضح.

والأجوبة على أسئلتي جعلتني أقرب إلى التفاؤل. وسألته عن تأثير زيارة بايدن للسعودية على سوق النفط. ورد بأن هذا التأثير غير واضح. صحيح أننا نعتقد أن هناك ما لا يقل عن مليوني برميل يوميا من الطاقة الاحتياطية في الشرق الأوسط، لكن لا يمكننا التأكد من هذا. لكن من المهم ملاحظة أن كثيرين من أعضاء أوبك لا يلبون أهداف الإنتاج الحالية. والمؤكد هو أن الطلب العالمي تعافى بقوة ويقترب من مستويات ما قبل الجائحة، ولذا ما زالت السوق متعطشة للغاية.

وسألت عن ماذا لو، بدلا من الذهاب إلى المملكة العربية السعودية، ذهب الرئيس إلى هيوستن وطلب من منتجي النفط والغاز الأميركيين ضخ المزيد. فأجاب بأن الطاقة الإنتاجية لأميركا الشمالية انخفضت نحو 1.5 مليون برميل يوميا من 2019 إلى 2021، ويرجع ذلك أساسا إلى كبح الاستثمار في وقت مبكر من الجائحة. وبإضافة هذا إلى النقص المستمر في العاملين والمواد والمنتجات، وانخفاض قدرة سلسلة الخدمات والتوريد، ستحتاج الولايات المتحدة إلى عامين لاستعادة الإنتاج بالكامل. ومن المهم أن تتذكر أنه حتى الآبار ذات أقصر دورة إنتاجية تستغرق نحو 12 شهرا في حفرها وربطها بخطوط الأنابيب.

لكن استعادة وتكثيف إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستويات ما قبل الجائحة يجري على قدم وساق وسيستمر، ولا سيما إذا تقلصت قيود سلسلة التوريد خلال النصف الثاني ودعمت السياسة المزيد من البنية التحتية المطلوبة. ومن المتوقع استعادة نحو 800 ألف برميل من النفط يوميا هذا العام، ومن المتوقع زيادة أخرى بمقدار 900 ألف برميل يوميا العام المقبل. وهذا هو ما كان يأمل الرئيس في الحصول عليه من المملكة العربية السعودية، حتى لو كان لديها هذا القدر. وسألت عن مدى تأثير زيادة إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة على أسعار البيع للمستهلك. فذكر لانس أن مشتقات النفط، بما في ذلك البنزين، يجري تسعيرها في الأسواق العالمية. ولذا كلما زاد دخول النفط الخام إلى السوق العالمية، انخفض سعر البنزين.

وهذا هو السبب في أن صادرات الخام الأميركية تساعد في انخفاض أسعار البنزين في الولايات المتحدة. وسألت عن دخول إدارة بايدن في نقاش جاد مع صناعة النفط والغاز حول انتقال الطاقة. فأجاب بأنه بينما تجتمع هذه الإدارة بانتظام مع المجموعات البيئية التي ترغب في القضاء على جميع استخدامات الوقود الأحفوري على الفور، لا يوجد سوى القليل جدا من الحوار مع صناعة النفط والغاز. وانعقدت بعض الاجتماعات، لكن بصراحة، لم تكن هناك مناقشات حقيقية بشأن قضايا إمدادات الطاقة وأمن الطاقة والتعاون الإقليمي في أميركا الشمالية والتخطيط لانتقال في الطاقة عقلاني ومنسق إلى اقتصاد منخفض الكربون.

 ويوفر النفط والغاز معا 68% من الطاقة الأميركية اليوم، بينما توفر مصادر الطاقة المتجددة 12% فقط، وهذا حتى بعد عقود من بناء منشآت لتوليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية بتشجيع من إعفاءات ضريبية. ونظرا لأن النفط والغاز سيظلان في مزيج الطاقة بعد عام 2050، فنحن بحاجة إلى حوار بناء مع الإدارة والكونجرس والشعب الأميركي حول أمن إمدادات الطاقة والتنوع والقدرة على تحمل الكلفة وانتقال الطاقة وتقنيات خفض الكربون. فشيطنة الصناعة لا تحل المشكلة. وسألته عما يريد ويعتقد أن بوسع الصناعة تقديمه. وأجاب بأن ما نحتاجه من الحكومة هو تحقيق الاستقرار والقدرة على التنبؤ.

فالسياسات التنظيمية المعقولة والتي يمكن التنبؤ بها يمكنها تعزيز بيئة استثمار أفضل. وعلى سبيل المثال، من ديسمبر 2019 إلى أبريل 2020، انخفضت أسعار النفط من نحو 70 إلى 19 دولارا للبرميل. وتصاريح الحفر وحدها لا تكفي. فلتشجيع الاستثمار، يجب على الحكومة استئناف التأجير المنظم والمتسق للأراضي الاتحادية للتنقيب والتطوير - وتسريع منح الموافقة ليس فقط للحفر، لكن أيضا لخطوط الأنابيب والطرق والبنية التحتية الأخرى اللازمة لتيسير الإنتاج. وتبدو مقترحات «لانس» جيدة في الغالب. لكن الأقوال تحتاج إلى أفعال. فقد استثمرت شركات النفط والغاز حتى الآن مبالغ تافهة من رأس المال في الطاقة النظيفة أو احتجاز الكربون دون ضخ أي رأسمال سياسي للتمكن والإسراع بالانتقال إلى الطاقة النظيفة.

*كاتب أميركي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/07/26/opinion/biden-oil.html