في آخر مقالاتها المنشورة في جريدة «ووال ستريت جورنال» Wall Street Journal، شبهت كيت إليوت هاوس الرئيس بايدن برئيس الوزراء البريطاني تشامبرلين، والذي أضاع فرصة تاريخية قُبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية في تأطير موقف حازم من النازية.

وإن بايدن كرر نفس الغلطة التاريخية باستمرار تبنيه سياسة «استرضاء Appeasing» إيران بدل التعبير عن تحول حقيقي ومتناسب مع ما تمثله إيران وسياساتها من تهديد حقيقي لمصالح الولايات المتحدة وكافة حلفائها في المنطقة.

وذلك «ربما» كان هو الهدف من تنظيم موقع المونيتر AlMonitor (قبل ما يتجاوز الأسبوع) لقاءً مع الكاتبة ليس فقط لاستعراض قراءتها الشخصية لقمم جدة وآفاق العلاقات الأميركية السعودية، بل للاستدلال على تخلق تيار أميركي ضاغط ورافض لاستمرار ذلك المنهج.

رابط ذلك اللقاء لا زال متوفراً على الموقع، وانصح المهتمين بالعلاقات الأميركية العربية بمشاهدة ذلك اللقاء. كيت إليوت هاوس تجاوزت الرمزية السياسية (الآنية) للقاء بين سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس بايدن، واختارت المناورة الذكية بين جملة من الأسئلة لتركز على ما تستوجبه التحولات في الحالة الخليجية من أخرى مماثلة لدى الحليف الأميركي تجاه السعودية وعموم دول الخليج العربية (ضمن ما تمثله ضمن منظومة الشرق الأوسط).

أما الجزئية الأخرى، فإنه، على واشنطن إدراك أن للجغرافيا حاكميتها، فتوسط (الشرق الأوسط) آسيا وأفريقيا من جانب، واتصاله المباشر بأوروبا عبر حوض المتوسط، يفرض واقعاً سياسياً خاصاً، وأن الاحتكام لجغرافيا الحرب الباردة لم يعد ممكناً.

«إنه الاقتصاد أيها الأخرق»، تلك كانت كلمات الرئيس بيل كلينتون والتي اختزلت الواقع الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بل حتى إن مفهوم «العولمة» الذي أسست له الكلنتونية الأميركية لم يعد قائماً بمعاير أمسه.

أما فرضية استدامة تعددية الأقطاب، فإن الأزمة الأوكرانية ستقود في خواتيمها لتخلق قناعة لدى القوى الكبرى المتزاحمة جيواستراتيجياً قبل غيرها بعبثية التزاحم الخشن (الحروب/ الحروب بالوكالة/ حروب ما بين الحروب). ويجب الفصل هنا بين ضرورات التكافل الأمني والاصطفاف السياسي للتحصل على ضمانات بالأمن، وذلك ما يجب أن تدركه واشنطن، إنْ أرادت هي الإسهام في صناعة شراكة شرق أوسطية حقيقية، تكون قائمة على تكافل المصالح، وأن التوازن شرق أوسطياً، هو ما سوف يقود لاستقرار مستدام. وعلى الولايات المتحدة أن تعي أن الانفتاح على شركاء جدد لا يعني بالضرورة تحجيم مكانة الولايات المتحدة، بل تفعيل منطقي لمكانة الجغرافيا الاقتصادية.

*كاتب بحريني