ليس من قبيل المصادفة اختيار سلطان النيادي للمشاركة في أول مهمة طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية ليكون بذلك نموذجاً للشباب العربي، وليحمل طموحهم بتسجيل إنجاز جديد للعرب. سلطان النيادي سينضم لبعثة وكالة الفضاء الأميركية التي تستهدف إجراء سلسلة تجارب وأبحاث عن الفضاء الخارجي، وسيكون النيادي خير سفير في تلك المهمة المقررة على مدار ستة شهور متواصلة اعتباراً من ربيع العام المقبل 2023، وهي المهمة الثانية للإمارات بعد أن تم اختيار هزاع المنصوري كأول رائد فضاء عربي يصل إلى المحطة الدولية قبل ثلاثة أعوام تقريباً.

خلال العقد الأخير بات قطاع الفضاء بالنسبة للإمارات مجالاً حيوياً تستثمر فيه، والمنتظر هو المستقبل الذي يلبي طموحات القيادة التي أولت أهمية خاصة لإعداد وتأهيل وتطوير الكوادر الشابة، فسخرت كافة الإمكانات لتحقيق خطوات طموحة في هذا الاتجاه، وخلال سنوات قليلة حققت سبقاً عربياً تمثل بداية بمسبار الأمل الذي يوفر مساهمات علمية مهمة في الغلاف الجوي لكوكب المريخ وفي أوقات مختلفة.

وقد أصبحت الإمارات بذلك واحدة من بين تسع دول تعمل على استكشاف هذا الكوكب. ورغم حداثة نشأة هذا القطاع في الإمارات، إلا أن دولتنا تحظى حالياً بثقة الدول العاملة في هذا المجال أصلاً، كما كانت محط إشادة دولية واسعة تقديراً لجهودها وتوالي إنجازاتها، خصوصاً وأن استكشاف الفضاء أصبح ضمن رؤية وإستراتيجية الإمارات وبما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة التي تتبناها، ومن أجلها أُطلقت عدة مبادرات رائدة بهدف مواصلة الإنجازات في مختلف المجالات وذلك على مدار الأعوام الخمسين القادمة عاماً المقبلة.

إن الإمارات بعزيمتها وطموحاتها المتجددة في سباق مع الزمن، وذلك في ضوء إيمان قيادتها بأن الاستثمار في الفضاء هو مستقبل البشرية، ولهذا فهي تمضي نحو الأمام بخطى ثابتة لتحقيق نجاحات مهمة في هذا المسعى. ولا أبالغ بالقول إن إطلاق وكالة الإمارات للفضاء السياسة الوطنية لقطاع الفضاء في الدولة إنما يشكل خطوة فارقة بهدف تحقيق رؤية الدولة، وذلك من خلال بناء قطاع إماراتي راسخ ومستدام وله صلة وثيقة بتكنولوجيا الفضاء، على أن يدعم هذا القطاع المصالح الوطنية والقطاعات الحيوية ويحميها، كما يسهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية، ويؤصل ثقافة الابتكار، ويرسخ دور ومكانة الإمارات إقليمياً وعالمياً.

وحتى ينسب الفضل لأهله نقول ونؤكد أن ما كان لكل هذه الإنجازات أن تتحقق لولا دعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة، ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.

ومع العلم أن حجم التحديات كبير، إلا أنهما يملكان بصيرة نافذة لاقتناص الفرص العظيمة. فقد ركز سموهما على دعم البرنامج الوطني للفضاء للإسهام بتحقيق نهضة علمية كبيرة عربياً وعالمياً، وعلى دعم الفئة الشابة القادرة على التميز في ظل توافر الإمكانات المطلوبة لذلك.

ويأتي استقبال سموهما للنيادي رسالة لكل شباب وشابات الإمارات ما هي إلا تأكيد من القيادة على مساندة جيل الشباب أكاديمياً ومهنياً، وخصوصاً المتميزين منهم، وفي مختلف المجالات. كل ذلك وسواه يدفعني لشكر رجالات الإمارات الذين يبذلون جهوداً استثنائية لتذليل الصعاب أمام الشباب من أجل رفع سقف طموحاتهم ليكونوا قادرين على المشاركة في مسيرة التنمية، وبناء اقتصاد قوي قائم على العلم والمعرفة.