عكفت مجموعة من الماليين على تقليم أغصان شجرة تشبه الدغل وضربات فؤوسهم تصدر أصواتا مكتومة. وبهذا التقليم لا يريد هؤلاء الرجال تدمير الطبيعة بل إنقاذها. ووسط حماسة كبيرة يندفعون إلى تشكيل فرق مستخدمين هذه الأغصان للتصدي لحرائق الغابات التي تندلع في هذا الشريط القاسي القاحل من الأحراش في موريتانيا الواقع في الحافة الجنوبية مباشرة من الصحراء الكبرى. ولحسن الحظ، هذه المرة لا يوجد حريق فعليا، على الرغم من أن درجات الحرارة التي تتجاوز (43.33 مئوية)، قد تجعل المرء يعتقد غير ذلك. واليوم مجرد تدريب. 

وفي موسم الحرائق السابق الذي يمتد عموما من أكتوبر إلى فبراير، ساعد متطوعون من «فرقة مكافحة الحرائق» في إخماد 36 حريقا عبر هذا الجزء من الريف الموريتاني، حسب قول مؤسسها أحمد ولد بخاري. وأخمدت الفرقة العام السابق للموسم الماضي 58 حريقا. صحيح أنهم يعرفون جيدا هذه الرقعة من المناطق النائية التلالية، لكنهم ليسوا من هنا. فالفرقة تتألف من لاجئين قادمين من مالي المجاورة، فروا من الصراع الدائر منذ عقد في بلادهم. وقال أحد زعماء الفرقة أن الموريتانيون رحبوا بهم ولذا فكر اللاجئون في طريقة لرد الجميل بها وتساءلوا «ما المطلوب لحماية البيئة؟ ومن هنا نبعت فكرة إنشاء هذه المبادرة». 

وبدأت المجموعة عام 2013 وتطورت لتصبح آلة سلسة الحركة تضم 500 متطوع دابوا على تلبية نداءات طلب المساعدة من بلدات موريتانية تبعد 20 ميلا أحيانا. وغالبا ما ينضم إليهم متطوعون موريتانيون محليون، مما يخلق رابطة بين المضيفين وضيوفهم. وتراجعت حرائق الموسم الماضي وهذا يرجع في جانب منه إلى موسم أقصر بفضل تدفق 800 ألف رأس من الماشية جلبها اللاجئون الفارون من مالي. فقد تغذت هذه الحيوانات على الأشجار والشجيرات على طول الطريق، مما قلص كمية الوقود المتاحة أمام الحرائق المحتملة. وأحدث حريق تصدى له متطوع مالي يدعى محمد الصديق كان في 4 فبراير، من الساعة 1 ظهرا حتى 7 مساء تحت شمس منطقة الساحل.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»