مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، ستصبح مساحات شاسعة من الكوكب غير صالحة للسكن. إذن أين سيذهب الناس؟ وكيف سيعيشون؟ في كتابها «قرن الرُحّل: كيف ستعيد هجرة المناخ تشكيل عالمنا»، تفترض الصحفية البريطانية، جايا فينس، أنهم سيهاجرون إلى المناطق الشمالية مثل سيبيريا وجرينلاند والقطب الشمالي، حيث ستوفر درجات الحرارة المرتفعة ظروفاً أكثر ملائمة للعيش.

لكن مثل هذا السيناريو يوحي بحدوث اضطرابات هائلة في الثقافات والأنظمة. يعد كتاب «قرن الرحّل» بمثابة بيان عام ومخطط علمي لكيفية معالجة هذه المشاكل. ومؤخراً، أجرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور حواراً مع فينس عن كتابها ورؤيتها لمستقبل تعاوني للإنسانية. «فينيس» ترى كتابها مختلفاً عن إصدارات مثل: «الانقراض السادس: لاليزابيث كوليبر»، و«فولتر«لبيل ماكيبين»، و«العالم بدوننا» للكاتب آلان وايزمان. وأوضحت أنها تتفق مع ما يقولونه، لكنها تحاول تجاوز المشكلة إلى الحلول الواقعية.

«هذه الحلول التي أقترحها مثل غرس الحديد في المحيطات والكبريتات في السحب قد لا تكون مستساغة، لكننا بطبيعتنا متعاونون للغاية، إنه في حمضنا النووي. لقد حققنا هذا التفوق، الذي يظهر في المدن التي بنيناها، والتقنيات التي أنشأناها».

ورداً على الأشخاص الذين يقولون إنه، حتى مع وجود جميع الأدلة أمامهم، ما زال الناس لم يتخذوا خيار العيش بطريقة أكثر استدامة من الناحية البيئية، أكدت الكاتبة أننا بحاجة إلى التوقف عن تشتيت انتباهنا، والبحث عن وسيلة لتحقيق ذلك، لكن علينا القيام بذلك بشكل تعاوني. لا يمكن حل هذه المشكلات من قبل دولتين أو ثلاث دول، إذ إن الأمر بحاجة إلى منظمة دولية يتم تمثيل الجميع فيها.

وأشادت «فينس» بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لأنه يعالج قضايا المناخ بحزم شديد.

في الفصل الأخير من كتابها، والذي يحمل عنوان «التجديد»، قامت الكاتبة الصحفية بإدراج استراتيجيات مثل إدخال المزيد من الأعشاب البحرية وأشجار المانجروف، والبذر السحابي، والأسطح البيضاء، والأغشية السطحية، وتغيير نمط الحياة. وهي ترى أنه يجب تجربة كل الاستراتيجيات. وقالت: «سيكون هذا قرناً صعباً بشكل لا يصدق مع وجود اضطرابات هائلة.

لذا فإن الشيء الرئيسي الآن هو المضي قدماً بالمحادثة. نحن بحاجة إلى الاستيقاظ على حقيقة أنه يتعين علينا الانتقال إلى بيئة عالمية جديد». الصحفية البريطانية لا تتفق بالضرورة مع جاريد دايموند، الذي يقول في كتابه «الانهيار» إن الحضارة الإنسانية تميل نحو الانحلال والتفكك.

وأوضحت: «نحن نتحدث باستخدام هذا الجهاز، ونتواصل عبر آلاف الأميال. ونذهب للتسوق وشراء أي شيء نرغب فيه تقريباً. هذه أمثلة على التعاون والاستثمارات من قبل الناس في العلوم والتكنولوجيا. هناك هياكل مذهلة في المكان والتي هي نتيجة للتعاون البشري. النمل والنحل ينظمون ويتعاونون ويعملون بكفاءة عالية، لكنهم جميعاً يحاكون بعضهم البعض، ويشكلون عائلة.

البشر هم النوع الوحيد الذي يتعاون مع الغرباء تماماً، وهذه هي أعظم صفة لدينا». جايا فينس ترى أن لديها رغبة في التحدث أمام أي كيان أو هيئة، مثل الأمم المتحدة ومنتدى دافوس ومجموعة السبع. وأشارت إلى أن ما تحاول تحقيقه من خلال كتابها هذا هو بدء محادثة.

وأضافت: «إذا تحدثنا عن هذه الأزمة، فسيتم إنجاز شيء ما. يبدأ الكتاب المحادثة، وهناك الكثير من الاحتمالات الإيجابية في المستقبل. إذا نظرت إلى التاريخ، سترى أن التغيير الاجتماعي الضخم قد حدث فقط لأن الناس أجروا نقاشات. هذا ما أقوم بالترويج له».

ريتشارد هوران*

*كاتب متخصص في قضايا المناخ.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»