صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة 9 سبتمبر، بالموافقة على تعيين النمساوي فولكر تورك، مفوضاً سامياً لحقوق الإنسان خلفاً لميشيل باشليه. وكان الأمينُ العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أبلغ الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة، مساء الأربعاء، أنه يريد تعيين تورك في هذا المنصب.

وقد تولى تورك منصبَ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون السياسات لتنسيق السياسة الدولية في المكتب التنفيذي لغوتيريش منذ فبراير 2022. كما شغل منصب الأمين العام المساعد للتنسيق الاستراتيجي بين عامي 2019 و2021، إضافة إلى منصب مساعد المفوض السامي لشؤون اللاجئين.

وتمتد خبرة تورك في الأمم المتحدة لأكثر من ثلاثين عاماً. والمفوض السامي لحقوق الإنسان يعَد المسؤولَ الأساسيَّ المعني بحقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة. وهو مسؤول أمام الأمين العام، كما أنّه مسؤول عن إدارة المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي أُنشئت في ديسمبر 1993.

ويتلخص دور المفوض السامي لحقوق الإنسان، وفقاً لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في إسداء المشورة للأمين العام بشأن سياسات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، وتقديم الدعم لمشاريع برنامج حقوق الإنسان وأنشطته وأجهزته وهيئاته، كما أنه يمثل الأمين العام في اجتماعات أجهزة حقوق الإنسان وفي فعاليات أخرى معنية بحقوق الإنسان أيضاً. ويعين الأمينُ العامُّ المفوضَ السامي لحقوق الإنسان، وتوافق عليه الجمعية العامة، مع مراعاة التناوب الجغرافي، وذلك لولاية مدتها أربع سنوات مع إمكانية تجديدها مرة واحدة.

وأثار اختيارُ الأمين العام لفولكر تورك تساؤلاتِ حول معايير الاختيار، نتيجةً لغموض عملية الترشيح وغياب التشاور حولها، حيث انتقدت المنظماتُ الحقوقية غير الحكومية بشدة غموضَ عملية الترشيح لأهم منصب دولي في منظومة حماية حقوق الإنسان وفرض احترام مبدأ المسؤولية للجناة وتحقيق العدالة للضحايا.. إذ يتناقض اختيار غوتيريش لدبلوماسي غير معروف لدى الجمهور العام مع اختياره السابق قبل أربع سنوات لشخصية سياسية معروفة هي الرئيسة السابقة لتشيلي ميشيل باشليه التي كانت فترة ولايتها (من 1 سبتمبر 2018 حتى 31 أغسطس 2022) مثيرةً للجدل، إذ تزامنت مع جائحة «كوفيد-19» وأزمات حقوق الإنسان الساخنة، خاصة في ميانمار واليمن وأفغانستان وإثيوبيا وجنوب السودان، وكذلك الحرب في أوكرانيا.

كما تعرضت لانتقادات واسعة بسبب خطابها الافتتاحي أمام الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، منتصف يونيو الماضي، حيث أعلنت أنها لن تترشح لولاية أخرى. ويتعرض المفوضون السامون لحقوق الإنسان لضغوط سياسية قوية من مختلف دول العالم، لاسيما من الدول الكبرى، وكذلك من المنظمات الحكومية وغير الحكومية.

وتتطلب مهام هذه الوظيفة قدراً كبيراً من الشجاعة والاستقلالية، إذ من الملاحظ أنه منذ إنشاء هذا المنصب لم يتمكن أي من المفوضين السامين من إكمال فترتين مدتهما أربع سنوات. فبين قول الحقيقة للسلطة وفضح انتهاكات حقوق الإنسان في الدول توازن صعب، إن لم يكن مستحيلاً.

*كاتبة إماراتية