بقعة من الضباب تكفي لإفساد يوم توماس سوير. يدير «سوير» المركز الأول والوحيد الذي يعمل بكامل طاقته، في البحث والاختبار وتطوير طائرات تجارية مُسيَّرة (درون) في الولايات المتحدة، تستخدم في مجالات تمتد من الاستطلاع العسكري إلى تلك التي تستخدم في توصيل الطرود للمنازل جواً.

لكن أحوال الطقس المحلية مثل الضباب أو الجليد أو السحب المنخفضة أو العواصف الرعدية، يمكن أن تشكل فجأة مخاطر على الرحلات الجوية. في الواقع، تم إلغاء حوالي 30% من رحلات الطائرات المسيرة، التي قامت بها شركتا سوير وجراند سكاي في جراند فوركس بولاية نورث داكوتا بسبب الأحوال الجوية.

وأوضح «سوير» أن الطقس هو عنصر المخاطرة الأول بالنسبة لأعماله، فالرحلات الجوية الملغاة تكلف مالاً، وتضيع ساعات العمل، وتبطئ عملية البحث، وأحياناً تؤخر مهام عسكرية حرجة.

وتبحث «سكاي جراند» كيفية التنبؤ بشكل أفضل بالأحوال الجوية لتشغيل رحلاتها بالطائرات المسيرة. والحل الذي توصلت إليه الشركة هو استخدام طائرة مسيرة أخرى لهذا الغرض. وستبدأ طائرات مسيرة لرصد الأحوال الجوية، يطلق عليها «متيودرون»، العمل هذا الخريف إذا حصلت على موافقة الحكومة وستكون أول طائرة مسيرة تسجل بيانات الطقس من فوق الأرض في الولايات المتحدة.

وسيتم بعد ذلك إدخال البيانات التي تم جمعها في نماذج كمبيوتر لتحسين التنبؤات لعمليات طيران الطائرات المسيرة. وطائرات رصد الأحوال الجوية المسيرة ليست مثل الطائرات المسيرة العادية. إنها مليئة بمعدات صغيرة لرصد الأحوال الجوية والتي يمكنها قياس درجة الحرارة وقطرات الندى ونسبة الرطوبة وسرعة الرياح والضغط الجوي.

ويمكن لكاميرا على الطائرة أن تلتقط صوراً قيمة مع تطور العواصف وتقدمها. وهي أيضاً مصممة لتحمل مجموعة من الظروف الجوية القاسية، ومجهزة بميزات السلامة مثل المراوح الساخنة لمنع تكون الجليد وبمظلة طوارئ.

ويمكن لمن يقوم بتشغيل الطائرة المسيرة أن يرسلها إلى الغلاف الجوي لمسافة تصل إلى 20.000 قدم، مع أخذ عينات من الغلاف الجوي في طريقها صعوداً وهبوطاً في خط مستقيم. ويوضح براد جواي، عالم الأرصاد الجوية في ميتيوماتيكس، الشركة التي تبتكر هذه التقنية أن فائدة طائرات الأرصاد الجوية المسيرة تكمن في قدرتها على الحصول على تلك المزايا الثابتة والمتكررة، خصوصاً عندما تكون هناك أحداث جوية مثيرة للاهتمام أو مهمة.

سيتم تغذية نموذج كمبيوتر عالي الدقة للمنطقة المحيطة بقاعدة جراند فوركس الجوية بجميع البيانات التي تم جمعها. ويوضح «دون بيرشوف»، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ترو ويذر سلوشنز»، التي ستوفر دعم القرار اكتمال النموذج عالي الدقة، أن البيانات ليست دقيقة بما يكفي في الوقت الحالي، وأن النماذج المتاحة لديهم غير كافية أيضاً. لكن البيانات ستزيح الستار عن أنماط للأحوال الجوية لم تكن مفهومة في السابق بين الأرض ومستوى الطيران، وهو أمر بالغ الأهمية لرحلات الطائرات المسيرة في جميع أنحاء البلاد. طائرات الأرصاد الجوية المسيرة قد تكون جديدة في الولايات المتحدة، لكنها تستخدم بالفعل بشكل منتظم في سويسرا.

وتوجد 15 محطة لهذه الطائرات في أنحاء سويسرا، وتجمع البيانات من الغلاف الجوي حول جبال الألب. ويشير «مارتن فنجلر»، مؤسس شركة خدمات التنبؤات الجوية، «ميتيوماتيكس»، إن شركته كانت تعتمد على جمع البيانات والنماذج عالية الدقة في سويسرا، في عملها بالاشتراك مع المكتب الفيدرالي للأرصاد الجوية وعلم المناخ. وبدأ اهتمام «فنجلر» بفكرة استخدام طائرات مسيرة لجمع بيانات عن الأحوال الجوية منذ حوالي عقد في ألمانيا، حيث كان يعمل للحصول على رخصة طيار خاصة به. وأشار إلى أن العديد من التدريبات التي أجراها بخصوص الطائرات المسيرة تعطلت بسبب سوء التنبؤات الخاصة بالضباب أو ارتفاعات السحب.

ومن هنا بدأ التفكير في كيفية سد فجوة البيانات في هذا الجزء الرئيسي من الغلاف الجوي، حيث يجري قدر كبير من النشاط. وهناك فجوات كثيرة يتعين سدها، ففي الولايات الكبيرة مثل نورث داكوتا، تتباعد محطات الطقس الأرضية وأبراج الرادار ومواقع إطلاق البالون عن بعضها تاركة، نقاطاً غامضة كبيرة بالنسبة للطقس. وتستخدم مناطق أخرى معدات قديمة أو معطوبة.

تم إغلاق موقع إطلاق بالونات الطقس في تشاتام بولاية ماساتشوستس، وهو الموقع الوحيد في المنطقة التي تضم ست ولايات، في الخريف الماضي بسبب تآكل السواحل، ولم يتم إنشاء موقع آخر بعد. وكانت مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية تأمل في الانتهاء من إنشاء موقع جديد بحلول نهاية هذا الصيف وإلى أن يحدث فإن البيانات المهمة عن الطقس مفقودة، مما يؤثر على أداء نماذج الكمبيوتر والتنبؤات. وتستثمر شركة «جراند سكاي» ما يقل قليلاً عن مليون دولار في هذه التكنولوجيا الجديدة، لكن «سوير» يعتقد أنه استثمار مجد.

فمع تحسين جمع البيانات عن الأحول الجوية بوساطة طائرات مسيرة وتوافر نماذج لأحوال الجوية عالية الجودة أكثر دقة، فإن من المأمول أن يتأخر إطلاق الطائرات المسيرة لبضع ساعات، بدلاً من إلغائه تماماً.

ويعتقد أنه إذا أمكن زيادة ساعات الطيران لهذه الطائرات بنسبة عشرة بالمائة سيجري تغطية قيمة الاستثمار خلال العام الأول وأن «القيمة الحقيقية» بالنسبة له هي «مزيد من وقت الرحلة، ومزيد من التشغيل، ومزيد من المهام.

وبالنسبة لبيرتشوف، فإن إمكانية اكتشاف الجليد باستخدام طائرات الأرصاد الجوية المسيرة أمر مثير بشكل خاص. فتكون الجليد من الأمور التي يصعب التنبؤ بها، وهو أمر خطير للغاية ويوصف بأنه واحد من أكبر المخاطر التي تتعرض لها الطائرات المسيرة لأن الجليد يتراكم على الأجنحة وقد يؤثر بشدة على قدرة الطائرة على مواصلة التحليق.

ويتوقع «فنجلر» أن تستمر تكنولوجيا الطائرات المسيرة في التطور في السنوات المقبلة. ويتنبأ بأنه في غضون ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام ستكون هناك طائرات مسيرة قادرة على التحليق لارتفاع قد يصل إلى عشرة كيلومترات. مايكل بيج

*صحفي متخصص في الأرصاد الجوية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست  نيوز سيندكيت»