لحظات من الفخر والسعادة شعرتُ بها في الخامس عشر من سبتمبر من العام 2020، حينها توجت سياسة دولة الإمارات بقرار شجاع وحكيم، استطاع تحويل الصراع والأزمات إلى طاولة الحوار والمصالح المشتركة، والبناء على الاقتصاد الذي سيأتي بالتنمية والرخاء لشعوب المنطقة.
وأستذكر اللحظات التاريخية الفارقة التي جمعت سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي، مع نظيره البحريني الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني في حديقة البيت الأبيض، عند لحظة الإعلان عن توقيع المعاهدة، وشعرت بمدى صواب الرؤية الإماراتية للسلام، والتي توسع نطاقها لتنضم البحرين إلى يوم الإعلان التاريخي ذاته، ثم انضم كل من المغرب والسودان إلى قطار السلام.. مما أكَّد إمكانيةَ نجاح لغة الحوار على حساب استراتيجية الجفاء وإقصاء الآخر، وأعطى شعوبَ المنطقة الأملَ والتفاؤلَ الكبيرين بحلول السلام والاستقرار.
ولابد من الإشارة إلى كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد في حفل التوقيع، حين قال: «إن هذه المعاهدة ستمكن الإمارات من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتحقيق آماله في دولة مستقلة، ضمن منطقة مستقرة ومزدهرة». ولابد من ربط كلمات سموه بنتائج القرار الفورية، حيث كان جسر السلام الإماراتي سبباً بارزاً في إيقاف ضم إسرائيل أراضي فلسطينية شاسعة، وصلت إلى نحو 33% من الضفة الغربية وغور الأردن، وفي إنقاذ أكثر من 100 ألف فلسطيني من الخروج من أراضيهم، والأهم الإبقاء على أمل «حل الدولتين» قائماً، والذي كان مهدداً بالخروج من الحلول المطروحة، لو نفَّذت إسرائيلُ قرارَ الضم.
وتزامنت ذكرى مرور عامين على اتفاق السلام الإبراهيمي، مع الزيارة التي أداها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى إسرائيل، واستمرت عدة أيام، والتقى خلالها بعدد من المسؤولين، وزار معالم مهمة أبرزها وضعه إكليلاً من الزهور داخل متحف «ياد فاشيم» الذي يخلد ضحايا المحرقة، في دلالة على سياسة الإمارات الإنسانية الفاعلة، التي تحترم الثقافات والأديان كافة، وتنبذ الإرهابَ والتطرفَ، وتمد يدَها للإنسان من دون تمييز. ولا شك في أن الزيارة تعكس آفاق العلاقة الإماراتية الإسرائيلية، إذ منذ إعلان السلام حقق الاتفاقُ الإبراهيمي إنجازات قياسية خلال وقت قصير من افتتاح السفارات والخطوط الجوية بين الدول.
لا تمكن المزايدةُ على مواقف الدول الموقِّعة على معاهدة السلام إزاء القضية الفلسطينية، فعند النظر إلى التوترات الأخيرة في القدس وقطاع غزة، سنجد أن جهود مصر نجحت في التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في القطاع، وبدعم إماراتي، كما لم تخلُ الخطابات السياسية لدولة الإمارات ومملكة البحرين خلال مختلف المحافل الدولية أو المباحثات المشتركة، من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وأهمية التوصل لحل عادل لهذه القضية، مع دعم مسار السلام باتجاه «حل الدولتين»، فاتفاقات السلام الإبراهيمية تكمل القضية الفلسطينية وتخدمها.
نجحت سياسة التعايش الإنساني الإماراتية، وأصبحت مصدرَ الهام لكل داعمي السلام في العالم، وتوجت جهود الإمارات في مجال نشر السلام، بانتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن، للفترة 2022-2023، في خطوة تعكس مكانةَ الإمارات الدبلوماسية والتقدير الدولي لها.


*إعلامية وكاتبة بحرينية