الحديث عن علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة بسلطنة عُمان يفيض بتفاصيل إيجابية عديدة. فهي علاقات تاريخية وديموغرافية راسخة تمتد بعمق في جذور الزمن وصقلتها في العصور الحديثة تبادل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية في إطار من انتماء الدولتين الشقيقتين إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

هذا الانتماء إلى مجلس التعاون الخليجي، هو رابط وشائجي مهم، لكن الأهم من ذلك، أن السياسة الخارجية لكل من دولة الإمارات وسلطنة عُمان تقوم على أسس من المبادئ الراسخة التي تتلخص في أن كلتاهما تقوم على انتهاج سياسة حسن الجوار مع الجيران وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية؛ وعلى إقامة علاقات تبادل مصالح مشتركة مع المحيط المحلي «الخليج العربي»، والمحيط الإقليمي «العالم العربي وجواره الجغرافي الممتد»، ومع كافة دول العالم الصديقة والمحبَّة للأمن والسلام العالمي «المحيط العالمي»؛ وعلى الوقوف الصلب إلى جانب كافة قضايا دول مجلس التعاون والقضايا العربية الجوهرية في مواجهة العالم الخارجي؛ والوقوف إلى جانب قضايا دول وشعوب العالم النامي في مسعاها نحو تحقيق التنمية والأمن والسلام والاستقرار؛ وأخيراً على الالتزام بمبادئ الحياد والعدل والإنصاف تجاه كافة قضايا العالم.

وفي إطار صلب من تلك المبادئ الراسخة تفصح كل من دولة الإمارات وسلطنة عُمان بأنهما دولتان خليجيتان عربيتان تربطهما وحدة المصير والأهداف والمصالح المشتركة مع كافة دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم العربي، وهما في جميع مواقفهما المعلنة تعربان عن تضامنهما الراسخ مع كافة القضايا الخليجية والعربية ضد جميع الأطراف التي تحاول المساس بالمصالح الخليجية والعربية، وتأييد الحقوق الخليجية والعربية في استعادة الأراضي والجزر والأقاليم التي تستولي عليها دول أخرى بالقوّة.

وقد اتضحت هذه المواقف الإيجابية تجاه الحقوق العربية في العديد من القضايا العربية المعاصرة في أوقات كثيرة قدمت فيها الدولتان فلذات أكبادها للذهاب إلى ميادين القتال دع عنك جانباً ما قدمتاه من مال ومواقف نصرة للحق الخليجي والعربي دون ما تردد في سبيل استعادته وإعادة الأمور إلى وضعها الصحيح.

دولة الإمارات وسلطنة عُمان مستمرتان، وخلال الخمسين عاماً التي مضت، في مساعيهما وجهودهما ونشاطاتهما الخيرة في نطاقاتهما الخليجية والعربية والعالمية وتسهمان إسهاماً خيراً في حل المشاكل التي تطرأ على هذه النطاقات الثلاثة كترجمة لمبادئهما عميقة الجذور المستمدة من تاريخهما المجيد في نصرة الحق والخير في جميع بقاع المعمورة، وترجمة لوجودهما كأعضاء فاعلين في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة وإعراباً عن رغبتهما الأكيدة والراسخة في تحقيق السلام والأمن في الخليج العربي والعالم العربي وجواره الجغرافي والعالم أجمع وإقامة علاقات الود والمحبة والصداقة الراسخة فيما بينهما ومع جميع دول العالم الأخرى وشعوبها المحبة للسلام على أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ومن جانبها تحمل دولة الإمارات وشعبها كل معاني المحبة الصادقة التي تبادلها الأشقاء فيما بينهم.

وترسيخاً وترجمة لذلك قام رؤسائها الثلاثة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر 1971 بزيارات عدة إلى السلطنة تعبيراً عن ود ومحبة الإمارات لأشقائها في عُمان، وتوثيقاً لعرى الأخوة وتبادل المصالح ووجهات النظر بين الدولتين والشعبين حول القضايا التي تهم الطرفين.

وفي الوقت نفسه تشارك الدولتان في كافة مؤتمرات القمة الخليجية التي تعقد تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، وفي الاجتماعات الخليجية الأخرى وعلى كافة المستويات ودون تردد مثلما تشاركان في كافة اجتماعات القمة التي تعقد تحت مظلة الجامعة العربية. ويأتي ذلك انطلاقاً من إيمانهما بأن هذه المشاركات تسهم في مناقشة القضايا المطروحة وفي خروج التوصيات ورسم الخطوط العريضة لسياسات بلديهما الخارجية.

وخلاصة القول، إن دولة الإمارات وسلطنة عُمان توأمان تربط بين شعبيهما أواصر وثيقة من روابط الدم والتاريخ والمصالح المشتركة، وحقيقة هما شعب واحد يعيش على تراب دولتين جارتين، وتجمع بينهما حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة الحقيقية. وهذه معطيات تسعيان إلى ترجمتها إلى حقائق على مر العصور.

* كاتب إماراتي