شهدت القاهرة ميلاد إحدى منظمات المجتمع المدني، أي ما يسمى في الدول الغربية بالمنظمات غير الحكومية، ويتعلق الأمر بـ«مجموعة السلام العربي». وتشكل هذه المجموعة إحدى المنظمات المنبثقة عن المجتمع المدني، التي اعتمدها المؤتمر التأسيسي الأول لمجموعة السلام العربي الذي عقد في الثالث عشر من أكتوبر 2022 بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة. 
ووفقاً لما أكدته مجموعة السلام العربي، فإنها تدعم كل الجهود الرامية إلى نشر ثقافة السلام العربي -العربي، وإنهاء الخلافات والنزاعات العربية، وتغليب الحلول الدبلوماسية والحوار.. لاحتواء كل الصراعات والنزاعات المسلحة. كما وجّهت مجموعة السلام العربي نداءً إلى الأمة العربية، شعوباً وحكومات، لبذل الجهود المخلصة والفعّالة والمسؤولة لتأكيد أولوية بناء السلم العربي العربي. وتتطلّع المجموعة في رؤيتها، إلى إقامة الشراكات مع المنظمات والجامعات والمراكز والهيئات المعنية بتسوية النزاعات وبالدبلوماسية الوقائية.
كما صادقت المجموعة، في اجتماعها الأول، على نظامها الأساسي ونظامها الداخلي وانتخبت الرئيس علي ناصر محمد رئيساً للمجلس التنفيذي وثلاثة نواب له وأميناً للسر وبقيةَ أعضاء المجلس التنفيذي، وختمت مؤتمرَها التأسيسي الأول بحضور أعضاء المجموعة وشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية ومفكرين يمثلون جميع الدول العربية وجاليات المهجر. وتتطلّع المجموعة إلى القمة العربية المرتقبة في الجزائر من أجل أن تحقّق طموحات الأمة في إعادة بناء العمل العربي المشترك، وفتح أبواب الحوار والمصالحات الوطنية.
وقد اختار المؤتمرُ مجموعةً من الشخصيات العربية ذات خبرات سياسية ودبلوماسية وأكاديمية وإعلامية، من جميع الدول العربية، ضمّت ممارسين سياسيين تولوا مناصب عليا في دولهم أو في المنظمات الدولية، وشخصيات فكرية وثقافية، ليكونوا أعضاء في المجموعة العربية، ومنهم على سبيل المثال: الدكتور يوسف الحسن (الإمارات)، والدكتور محمد الرميحي (الكويت)، وسيف المسكري (عُمان). 

ولنا أن نقتبس من كلمة معالي أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، التي وجهها إلى المجموعة، وقال فيها إن «الجامعة العربية تعلّق أملاً على مجموعة السلام العربي، بوصفها إسهاماً أصيلا تشتد الحاجة إليه من أجل إنتاج الأفكار والمبادرات». ثم أضاف: «والحقيقة أن المزيج المتميز الذي تتشكل منه المجموعة، يؤهلها للقيام بأدوار تسد فراغاً كبيراً في إنتاج الأفكار وتفعيل المبادرات. إن الجامعة العربية هي الحاضنة لأي جهد عربي مشترك.. ومن هنا فإننا ندعم عملكم».
ما لفت نظري في مصفوفة الفقرات التي تضمنها البيان الختامي لمؤتمر المجموعة، وجودُ الروح نفسها التي تبثها دولة الإمارات، من المبادئ الأخلاقية، ونشر ثقافة السلام والوئام، وتبني أفكار الحوار والتسامح والتعايش السلمي، وفلسفة التعاون بين الدول العربية.
ونخلص إلى أن «المجموعة العربية للسلام» لها أن تتقدم، كمنظمة غير حكومية طالما افتقرت الدول العربية إلى مثيلاتها في الجدية والمصداقية، وبما يتيسر لها من دعم غير مشروط، لتحافظ على نهجها الحيادي كي تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف العربية، حتى تستطيع بقوتها الناعمة أن تتصدى للهجمات الإعلامية التي تقوم بها منظمات حقوق الإنسان الأجنبية وغيرها.. وبطبيعتها المدنية سيكون تدخلها مؤثراً وذا مصداقية مشهودة.


*سفير سابق