هل سمعت من قبل أننا منخرطون الآن في حرب تجارية مع الصين؟ وربما لم تسمع بهذا من قبل، في الواقع. وأنا لا أتحدث عن الطريقة التي فرض بها دونالد ترامب تعريفات جمركية استهدفت تقليص العجز التجاري لأميركا، بل أتحدث عن ضوابط واسعة النطاق فرضتها إدارة بايدن يوم الجمعة الماضي (14 أكتوبر) على صادرات التكنولوجيا للصين. وهذه الضوابط استهدفت تقييد البلدان المتقدمة الأخرى، ومنها الولايات المتحدة. وعلى عكس تعريفات ترامب الجمركية، لهذه الضوابط هدف واضح وهو منع أو على الأقل تأخير محاولات بكين إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة ذات الأهمية الكبيرة عسكرياً وأيضاً اقتصادياً. وإذا كان هذا يبدو كأنه إجراء عدواني للغاية من جانب الولايات المتحدة، فهذا لأنها كذلك بالفعل. 
التطورات الأخيرة قوضت النظرة الوردية للعولمة التي هيمنت لفترة طويلة على السياسة الغربية. ومن الواضح الآن أنه على الرغم من التكامل العالمي، لا تزال هناك مشكلات في الاعتماد المتبادل يفيد الخصوم والأصدقاء على حد سواء. ومن الواضح أن إدارة بايدن استوعبت هذه الدروس تماماً. ولم يكن من المفترض أن تسير الأمور على هذا النحو. فنظام التجارة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية الذي يفرض قيوداً على الحمائية ويخفض الرسوم الجمركية، خرج من ثنايا الاعتقاد بأن التجارة تعزز السلام. وكان هذا هو الإيمان الراسخ لدى كورديل هال، وزير خارجية الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت. ويعتقد أن «هال» هو الأب الروحي لهذا النظام. فقد خرج الاتحاد الأوروبي من رحم جماعة الفحم والصلب عام 1951 التي تأسست مستهدفة بوضوح جعل الحرب مستحيلة من خلال ترابط الصناعة الأوروبية. 
وفي وقت لاحق، عملت ألمانيا على تعزيز الروابط الاقتصادية مع روسيا والصين بموجب مبدأ «التغيير من خلال التجارة» الذي أكد أن التكامل في الاقتصاد العالمي يعزز الديمقراطية وسيادة القانون. ومن الواضح أن هذا لم يفلح. وبدلاً من دفع الدول نحو الوئام، خلقت العولمة فيما يبدو جبهات جديدة للمواجهة الدولية. 
وقبل ثلاث سنوات، نشر خبيرا العلاقات الدولية هنري فاريل وإبراهام نيومان بحثاً علمياً استشرافياً بعنوان «الاعتماد المتبادل المسلح: كيف تصنع الشبكات الاقتصادية العالمية قمع الدولة؟». وجادل الخبيران بأن الحروب التجارية التقليدية التي تحاول فيها الدول ممارسة النفوذ الاقتصادي بتقييد الوصول إلى أسواقها لم تعد محل التأثير، بل يتحقق النفوذ الاقتصادي من امتلاك القدرة على تقييد وصول البلدان الأخرى إلى السلع والخدمات والتمويل والمعلومات المهمة. وقسط كبير من هذا النمط الجديد من النفوذ يمتلكه الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة. 
ولسنا، بالتأكيد، اللاعبين الوحيدين الذين يمكنهم ممارسة الضغط الاقتصادي، فروسيا التي تخسر في ساحة المعركة تحاول ابتزاز أوروبا بقطع إمداداتها من الغاز الطبيعي، لكن المفاجأة الكبرى على الجانب الاقتصادي من حرب أوكرانيا تمثلت في النجاح المبكر للولايات المتحدة وحلفائها في عرقلة وصول روسيا إلى السلع الصناعية والرأسمالية المهمة.
وفي الأيام القليلة الماضية، ألقت كاثرين تاي، ممثلة التجارة الأميركية، كلمة مذهلة إلى حد ما دعت فيها إلى سياسة صناعية أميركية تستهدف في جانب منها حماية الأمن القومي. وشجبت تاي «سياسات الهيمنة الصناعية الموجهة من الدولة» في الصين. وأعلنت أن مكاسب الكفاءة من تحرير التجارة «لا يتعين أن تأتي على حساب مفاقمة إضعاف سلاسل التوريد لدينا وتفاقم عمليات الاعتماد عالية المخاطر». وفي اليوم نفسه، أعلنت إدارة بايدن ضوابطها الجديدة على الصادرات للصين. وهكذا اتخذت أميركا، فجأة، موقفاً أشد صرامة تجاه العولمة. 
وليس لدي أي معلومات داخلية حول الدافع وراء هذا التغيير في السياسة، لكنه يعكس فيما يبدو على الأرجح تقييماً جديداً للمخاطر العالمية وزيادة الثقة في قدرة أميركا على ممارسة النفوذ الاقتصادي. ومن ناحية أخرى، من الواضح أن التجارة لم تنتج تغييراً. فقد كانت روسيا بقيادة بوتين مندمجة بشدة مع الاقتصاد العالمي، أو كانت مندمجة فيه. 
ومن ناحية أخرى، كان النجاح المبكر للعقوبات ضد روسيا دليلاً على النفوذ الاقتصادي الغربي والولايات المتحدة بخاصة. والجولة السابقة لهذا تجلت على نحو ما في فرض الولايات المتحدة عقوبات على شركة هواوي الصينية. ولم ترد الصين بهجوم مضاد مؤكدة فيما يبدو أنه عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا فما زالت أميركا تتمتع «بهيمنة التصعيد». هل يثير هذا توترك؟ يجب أن يفعل ذلك. لكن كما نعلم الآن، هناك عالم خطير ولا يمكنني لوم إدارة بايدن على تحولها نحو الصلابة الحقيقية، وليس الاقتصار على رطانة القوة لسابقتها. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/10/13/opinion/china-tech-trade-biden.html