تمر علينا هذه الأيام الذكرى الخمسون لإقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية.

وعندما ينبري مواطن من دولة الإمارات للكتابة حول علاقات الإمارات بمصر في مثل هذه الذكرى الطيبة، فإن الأمر لا بد وأن يغلب عليه الجانب العاطفي، لأن معزة مصر وأهلها راسخة في قلوب مواطني الإمارات الذين يكنون كل مودة واحترام وتقدير لمصر وشعبها الأبي.

ويكفيهم فخراً أن مؤسس هذه الدولة الفتية وباني نهضتها الحديثة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قد أوصى أبناءه الكرام وشعبه الوفي بمصر خيراً، وأوصاهم بأن لا يبتعدوا عن مصر، وأن لا يدعوا مصر تبتعد عنهم مهما حصل من تقلبات الدهر وتبدلات أحوال السياسة.

وبالتأكيد أن تلك الوصية التي فيها حكمة واستيعاب لأهمية مصر ستبقى خالدة ما بقي الدهر، وسيسعى الجميع وعلى مر العصور إلى الأخذ بها وتحقيقها على أرض الواقع. إنّ مصر هي قلب الأمّة العربية النابض، وعمقها الاستراتيجي الذي لا غنى عنه لجميع الدول العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي ودولة الإمارات بشكل خاص في مواجهة ودرء الأطماع والمخاطر الخارجية، التي يمكن أن تتعرّض لها هذه الدول وفي غفلة من الزمن. ومن هذا المنطلق المليء بالمودة والتقدير والإدراك بأهمية مصر، كانت مواقف دولة الإمارات من مصر ولا زالت صادقة وأخوية وداعمة ويتم ترجمتها باستمرار عن طريق وقوف الإمارات بجميع إمكانياتها المادية والمعنوية وخبراتها الاقتصادية إلى جانب الأشقاء في مصر.

ويأتي كل ذلك كدعم لا محدود لمصر لكي تقف في مواجهة أعباء الزمن والتحديات التي تمر بها والعقبات الكأداء التي تقف أمامها وتعرقل مسيرتها نحو مستقبل أفضل. وهذا بدوره يعني إدراك أن مصر، هي السند القوي والقادر الذي يمكن لدولة الإمارات أن تلجأ إليه وقت الحاجة.

ووفقاً لما تراه القيادة الرشيدة في الإمارات، فإن الوقوف إلى جانب مصر ومساعدتها، يأتي انطلاقاً من الإيمان بأنها لا تفعل سوى الواجب الذي يحتمه عليها رابط الدعم تجاه أشقاء عزيزين، إلى جانب كون مصر هي الدولة العربية الوحيدة القريبة جداً من الخليج العربي ولديها الإمكانيات والقدرة والرغبة لكي تكون سنداً وعوناً لأشقائها في الإمارات عند الحاجة إليها.

وبكل تأكيد أن النظرة إلى مصر من هذا المنطلق لا تأتي من فراغ أو من عدم وجود تجربة واقعية حدثت عندما هبّت لنصرة إحدى دول المجلس عندما تعرّضت للغزو، دع عنك جانباً ما قدمته مصر من تضحيات جسيمة للأمة العربية جمعاء على صعيد ضريبة الدم وإنفاق المال والتضحية بالغالي والنفيس نصرة لقضايا العرب في مواجهة أعدائهم.

إن العرب جميعاً يثمنون لمصر أدوارها بدءاً بعام 1947 مروراً بعام 1967 وانتهاءً بعام 1973، وهي باقية على نهجها هذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. إن الاحتفاء والاحتفالية التي تقيمها كل من دولة الإمارات ومصر بمناسبة مرور خمسين عاماً على علاقاتهما المتميزة على الصعد الدبلوماسية والسياسية والاستراتيجية والاقتصادية، هي فرحة ومناسبة سعيدة ارتأى كلا الشعبين أن يعطيها حقها تخليداً لذكرى هذه العلاقات الأخوية الطيبة بين أشقاء متحابين مرتبطين ببعضهم بعضاً بوشائج القربى، في نفس الوقت الذي يجسدون فيه ما يعتقدون بأنه أرضية صلبة يمكن لهم البناء عليها للسير قدماً نحو المستقبل.

إن كلا القيادتين الرشيدتين والشعبين الشقيقين يأملان في مزيد من التضامن والتآزر والمودة والإخلاص في القول والعمل، لأنها تشكل الأدوات الفعّالة والركائز الأساسية التي هي في أيديهم لكي يستخدموها بفعالية للسير معاً على صعيد تحقيق المصالح المشتركة على جميع الأصعدة، خاصة معركة التنمية الشاملة المستدامة، وبناء الاقتصادات الناجحة، وتعمير الأرض وتحقيق السلام ودعم غلات الزرع والضرع، بالإضافة إلى القضايا العسكرية والأمنية والاستراتيجية في مواجهة الطامعين في خيرات الأمة العربية والنيل من كرامتها ومقدراتها واستقلالها.

ونحن إذ نبارك لأنفسنا هذه العلاقات الوطيدة المستمرة بمرور نصف قرن من الزمان على إقامتها، نتمنى للبلدين الشقيقين العيش بسلام وأمان في هذه البيئة الإقليمية والعالمية المضطربة، وبأن تتمكن القيادتان الرشيدتان من تعزيزها كي تعود بالخير والوئام على الجميع، وحفظ الله الإمارات ومصر من كل سوء.

* كاتب إماراتي