يسهل على المرء الكتابة عن الأم منبع الحياة والحنان والعطاء، حقاً، مصر أم البلاد العربية والإسلامية بموقعها الجغرافي من الجزيرة العربية والشام وبلاد المغرب وأفريقيا وقربها من أوروبا عبر أمواج البحر المتوسط متعددة الحضارات.

وهي الأم بمكوناتها الحضارية من لغة ودين وسياسة وإدارة وفن ورياضة وتطور وقوى بشرية تعكس ثقافة أمة، ولها «مصر» فضل الأم في تطور الكثير من البلاد العربية، على الجانب الإماراتي كانت شخصية المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان العروبية معززة للعلاقات المصرية الإماراتية، والتي أخذت قوتها في العلاقات مع مصر تتطور مع آباء وأجيال شهدت بداية طريق الحداثة عبر أيادٍ عربية غلب عليها الطابع المصري، فكل تلك المقومات مهدت لعلاقات متعددة وقوية بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية.

فالعلاقات الإماراتية- المصرية قوية وراسخة ومستمرة في التطور، فقد شاركت مصر الإمارات في تحقيق النهضة التعليمية والعمرانية والإدارية وحتى الأدبية والرياضية والعسكرية، فقد بنت حصوناً عالية من العلاقات المتعددة.

وأخذت دولة الإمارات مسارات متعاضدة مع مصر على المستوى الإقليمي والدولي، فقد تميزتا بالصدر الرحب والعمل الحكيم في قضايا العالم العربي من القضية الفلسطينية، وحل الخلافات العربية العربية حتى التعاون في تحقيق مستويات مقبولة من التنمية والاستقرار الأمني في أقطار عالمنا العربي. ففي أهمية استقرار الوطن العربي، كان المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من أوائل القادة العرب الذين نادوا بعودة مصر إلى محيطها العربي بعد معاهدة كامب ديفيد، وأن تأخذ دورها الطبيعي والتاريخي.

ولعل أخطر مواقف عدم الاستقرار العربي ما حدث في احتلال الكويت من انقسام عربي، وصولاً إلى التدخل الدولي لتحرير الكويت، وكان لدى القيادتين الإماراتية والمصرية دور كبير في تحرير الكويت، ومحاولة تجاوز الخلافات العربية- العربية، وأثبتت هذه الأزمة أهمية دور ومكانة مصر الفريدة في العالم العربي، والتي لا يمكن أن تعوضها أي دولة عربية.

مازالت مصر والإمارات من الدول الأكثر فاعلية بمحيطهما الإقليمي، حيث تسعيان دائماً إلى استقرارهِ ونمائهِ وتحقيق الأمن به، على سبيل المثال منع وضع مستقبل الوطن العربي بيد أدعياء الدين والإسلام، أولئك الذين غرروا بعقول الناس من خلال خطاباتهم الدينية، والذين إذا ما حكموا فإنهم على عكس أقدام التنمية والتقدم والحرية سوف يمشون. فالوطن العربي يكفيه مشاكلهُ في مساحة الفقر وضعف القاعدة التنموية.

دائماً كانت شؤون الدين والمجتمع في مصر تعكس التسامح واللين ومواكبة الحداثة عبر المؤسسة الدينية جامعة الأزهر وشخصيات مصرية دينية عديدة، وتبدو الإمارات صنواً لهذا الطابع المصري في التسامح وأخذ الدين السمح المواكب للحداثة مع بقية الأمم.

فركب التطورات الدولية والإقليمية اليوم يقوم على الاعتماد المتبادل في تحقيق الاستقرار والتنمية، لذا تنشط القاهرة وأبوظبي في مساعٍ لخلق علاقات من الاعتماد المتبادل لتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة.

ومن الإنصاف القول في العلاقات الإماراتية والمصرية، بأنني منذ فُطمت عن الطفولة، حتى أدركت مصر ودورها في تنمية دولة الإمارات، وعاصرت الأيام والأحداث حتى أصبحت الإمارات مركزاً عربياً وشرقياً للتنمية والدور السياسي والاقتصادي والأمني الفعال.

* كاتب ومحلل سياسي