لم يعد الحديث عن أزمة المناخ والمخاطر المحيطة بكوكب الأرض مجرد حديث عابر، فدول العالم قاطبة دقت ناقوس الخطر داعيةً لحماية كوكب الأرض والبشرية جمعاء كهدف أساسي ينبغي أن يكون محل اهتمام الجميع. فالتغير المناخي لن يطال الدول الكبرى فقط، بل كل دول العالم دون استثناء، وحماية الأجيال المقبلة تقع مسؤوليتها على عاتق الجميع، وربما تسهم الأمم المتحدة من خلال مؤتمراتها السنوية في تقييم التقدم المحرز كل عام في مجال المناخ، فقمة المناخ هذا العام في مصر كانت فاعلةً، وقد جمعت قادةَ العالم في شرم الشيخ للعمل على تفعيل المشاريع الخاصة بمجابهة التغير المناخي وخفض الاحتباس الحراري والانبعاثات المؤدية إليه. وقد نوهت القمة إلى أن تداعيات التغيير المناخي ستطال الاقتصاد وتكبّد البشريةَ خسائرَ فادحة، على عكس الاعتقاد في القرن الماضي لدى كبريات الشركات والمؤسسات المالية التي كانت تظن أن الحديث عن التغير المناخي رفاهية، وأن محاربة الاحتباس الحراري ستضر بمصالحها.

لكن كيف سيضر التغير المناخي بالاقتصاد العالمي؟ الحقيقة أن خطورة التغير المناخي لا تطال فقط القطاع الزراعي الذي تأثر بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة في الدول التي تعتمد على الري عن طريق الأمطار التي قَلَّ تهاطلها في تلك الدول مما أضر بالمحاصيل الزراعية وتسبب بخسائر فادحة. ومن المتوقع أن تزيد هذه الفجوة وأن تطال قطاعات اقتصادية واسعة، حتى أن البعض قدّر الخسائر في السنوات الثلاثين الماضية بتريليونات الدولارات. ولذا فإن ارتفاع حرارة كوكب الأرض ستترتب عليه خسائر كبيرة.

ولكل ذلك فإن توجُّه دول العالم نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة فيما يتعلق بالموارد سيسهم بقوة في حماية الكوكب. وربما أهم ما في ذلك التوجه هو قطاع الطاقة النظيفة. ومن شأن التبني المبكر للاقتصاد الأخضر بناء اقتصاد قائم على العدالة، ويساهم في القضاء على الفقر، ناهيك عن فتح المجال لفرص العمل الجديدة، واستخدام الموارد الطبيعية لدى دول العالم النامي، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكل ما يسهم في توفير طاقة مستدامة لتلك الدول. وكانت دولة الإمارات، وما تزال، رائدةً في مجال الطاقة النظيفة، ويكفي أن نعلم أنها أول دولة في المنطقة تعلن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وقد أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى أن العالم يمر اليوم بمرحلة حاسمة في مجال العمل المناخي، تفرض علينا تسريعَ الجهود والعمل المشترك، لافتاً إلى أن تداعيات التغير المناخي تنعكس على جميع الدول والمجتمعات، وهي تداعيات في تزايد مستمر، وستكون لها تكلفة كبيرة على الاقتصاد العالمي وحياة الإنسان والتنوع البيئي.

الإمارات أيضاً كانت وما تزال مثالاً يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط في استخدام الطاقة النووية السلمية الصديقة للبيئة، وذلك ضمن مشروع الإمارات للطاقة النووية السلمية الذي سيسهم في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الملوِّثة للبيئة.

وستكون الإمارات في السنة المقبلة الدولة المضيفة لقمة المناخ الثامنة والعشرين، والتي بكل تأكيد ستكون من أهم القمم على مستوى العالم بفضل القدرات التنظيمية العالية لدولة الإمارات، وكذلك بفضل دورها الكبير في حماية كوكب الأرض عبر مبادرات متعددة في مجال التغير المناخي ساهمت وتساهم في التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تسعى الإمارات لتشجيع هذا النوع من الاقتصاد عبر جمع المستثمرين والكفاءات العلمية والمعرفية، بهدف تسهيل دعم وتطوير وتمويل الاقتصاد المستديم القائم على الطاقة النظيفة.

ويكفي أن نعلم أن الإمارات دولة رائدة في مجال الطاقة الشمسية، وقد عملت على تطويرها واستقطاب المستثمرين في مجالها، حيث وفرت كافة المتطلبات بهدف إنجاح هذه التجربة الريادية في المنطقة.

*كاتب إماراتي